تفاعلا مع مصطلح «الإنسان الرقمي» الذي صار هو السائد اليوم، في غالب المجتمعات المعاصرة، جاء شعار ملتقى مكة الثقافي لعام 1442- النسخة الخامسةـ تحت شعار «كيف نكون قدوة؟ في العالم الرقمي»، بمثابة ترجمة عملية للاهتمام الكبير الذي يوليه الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، ونائبه الأمير بدر بن سلطان بن عبدالعزيز، بتحسين المهارات والسلوكيات التي تدعم التفاعلات الإيجابية مع الآخرين في عالمهم الرقمي من جهة، ولإبراز القدوات وتنمية المواطنة الرقمية في المنطقة من جهة أخرى.

ترجمة هذا الاهتمام الكريم ظهرت بوضوح من خلال تدشين أمير منطقة مكة المكرمة، الأربعاء الماضي، لمعرض مشاريع المنطقة الرقمي والفعاليات المصاحبة له؛ ولأول مرة تم توحيد ختام برامج وفعاليات الإمارة في أسبوع واحد، وفي مكان واحد متميز، هو قبة جدة الكبرى الجديدةـ Jeddah Super Domeـ الذي دخلت بها بلادنا المباركة في الموسوعة العالمية للأرقام القياسيةـ Guinness World Recordsـ كأكبر قبة خرسانية في العالم، متجاوزة «قبة طوكيو»، التي احتلت المركز الأول لفترة من الزمن..

جاء حفل التدشين، الذي سعدت بحضوره، كأفضل ما يمكن أن تظهر به المناسبات الوطنية، وذلك من خلال استعراض للعروض الرقمية عما تحقق من إنجازات ومشاريع تنموية تبنتها إمارة المنطقة في شِقي «بناء الإنسان وتنمية المكان»، إضافة إلى المخرجات الاستراتيجية التنموية للمنطقة، والتي دشنها سمو أمير المنطقة قبل 14 سنة، والتي اتخذت من الكعبة المشرفة نقطة انطلاق لها، وصولاً إلى تحقيق تنمية تشمل المحافظات الـ17، إضافة إلى تقديم لمحات عن مشاريع المنطقة الريادية، والتي أنجزت في جانب تنمية المكان، ومنها إعمار مكة المكرمة، وتطوير الواجهات البحرية بمحافظات المنطقة، ومشروع قطار الحرمين الشريفين، ومطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، ومطار الطائف الجديد، إضافة إلى مشاريع الصحة والتعليم والمياه والمشاريع الخدمية الأخرى، والتي تم تنفيذها في محافظات المنطقة، مع عرض للمشاريع الجاري تنفيذها والمستقبلية والتي تتواءم ورؤية المملكة 2030، واستعراض عن وصول التعليم الجامعي لكافة محافظات المنطقة، وملتقى مكة الثقافي- كيف نكون قدوة؟- وحملة «الحج عبادة وسلوك حضاري»، و«معهد الأمير خالد الفيصل للاعتدال»، و«منتدى منطقة مكة الاقتصادي»، وغيرها من المبادرات والبرامج التي كان لها أبلغ الأثر في إحداث حراك ثقافي بالمنطقة كلها، مع إسهام فاعل في رفع مستوى الثقافة لدى أبنائها، وتحفيزهم لتطوير القطاعات التي يعملون فيها..


من أجمل فقرات حفل التدشين، فقرة التكريم المستحق والوفاء غير المستغرب من قبل مستشار خادم الحرمين أمير المنطقة للأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز، مستشار خادم الحرمين الشريفين، بمناسبة انتهاء فترة عمله محافظا لمحافظة جدة، وتلك الكلمات التي خرجت من قلب الأمير مشعل للأمير خالد: «إذا كان للتميز والعطاء عنوان؛ فإن الأمير خالد الفيصل؛ هو العطاء والتميز»، ويساويها في الجمال تلك الخاتمة الجميلة للحفل، وأقصد هنا كلمات راعيه: «شكرا لمن حضر، والعذر لمن اعتذر، والتهنئة لمن أبدع وابتكر»، والتي تمثل قمة البلاغة، ومنتهى الجمال، اختصرهما بكل لياقة ولباقة «دايم السيف»، في (25) ثانية فقط؛ أتم الله عليه الصحة والعافية، وزاد منطقة مكة المكرمة عظمة وشرفا، وأدام مملكتنا الغالية في نماء ورخاء.