سيكون هذا المقال هو الثالث عن توطين الوظائف الطبية بعد مقالي (التوطين بالتأهيل)، والتوطين المتاح، وسوف يركز على توطين وظائف الأسنان ذلك الحلم الجميل ذات يوم، الذي أصبح كابوساً مؤرقاً لأطباء الأسنان السعوديين.

تشير الأرقام المنشورة مؤخرا بجريدة الاقتصادية إلى أن نسبة التوطين لأطباء الأسنان في القطاع الصحي نحو 38.2 في المائة، وأن القطاع الخاص هو الأقل بنسبة 15.5 في المائة، ثم «الجهات الحكومية الأخرى» بنسبة 78.9 في المائة. و«وزارة الصحة» بنسبة 85.7 في المائة...ويجدر بالذكر وجود العديد من كليات طب الأسنان بالمملكة، حوالي (27 كلية ما بين حكومية وخاصة) وأن هناك حوالي 12 ألفا وخمسمائة طبيب وطبيبة لا زالوا على مقاعد الدراسة.

وحسب التقرير المنشور مؤخرا عن الهيئة السعودية للتخصصات الصحية عن واقع العمالة الصحية، يوجد حاليا هناك قرابة 16 ألف طبيب وطبية أسنان مصنفين على درجة طبيب أسنان عام، ومنهم 6400 طبيب سعودي وحوالي 9770 طبيب غير سعودي، وذكر نفس التقرير أن هناك حوالي ألف طبيب وطبيبة سعودية يبحثون عن العمل أي ما يقارب 15% من أطباء الأسنان السعوديين....ووصل التقرير إلى نتاج مفادها أنه سوف يكون هناك حوالي 21800 طبيب أسنان سعودي بحلول 2027، وأنه يجب علينا تقليل عدد الأطباء غير السعوديين بنسبة 27.5%؜ سنوياً حتى نصل للاكتفاء الذاتي بحلول ذلك العام، والنزول من 9700 طبيب حاليا إلى 388 طبيبا بعام 2027.

دعونا نتخيل المشكلة فهي عبارة عن غزارة بالإنتاج وسوء بالتوطين...فالإنتاج غزير جداً (المخرجات السنوية لـ 27 كلية طب أسنان سعودية هي 2000 طبيب وطبيبة أسنان، في حين أن عدد الخريجين السنوي لـ66 كلية طب أسنان بالولايات المتحدة الأميركية كان أقل من 4500 في كل من العامين الماضيين. ويجب ألا ننسى أن عدد سكان الولايات المتحدة يزيد عن 323 مليون نسمة والمملكة 30 مليون نسمة).

لعل ما ذكر سابقا يلخص مشكلة وطنية قادمة وواضحة وجلية كإعصار (تسونامي)، وسنرى بالسنوات القادمة (الآلاف المؤلفة) من أطباء الأسنان المتكدسين بدون وظائف.

ولعل أبرز الحلول السريعة هي:

1-ربط توطين القطاع الصحي بالمجلس الاقتصادي الأعلى برئاسة سمو ولي العهد

2-عمل لجنة طارئة مشتركة بين وزراء العمل والتعليم والصحة والخدمة المدنية والتخطيط لتجاوز هذه المعضلة القادمة.

3-تقليل الطاقة الاستيعابية بالقبول بكليات طب الأسنان وتحويل الدعم الحكومي إلى كليات أخرى تخدم سوق العمل.

4-وقف استخراج الفيز للأطباء غير السعوديين بالأسنان بشكل مؤقت للسنوات القادمة.

الأرقام لا تكذب والقطاع الصحي التعليمي يحتاج إلى (خارطة طريق) ترسم مستقبل التوطين بكل دقة بدلاً من الجلوس بعد سنوات لإيجاد حلول مؤقتة... ونصيحتي لإخواني وأبنائي خريجي الثانوية بقراءة ما سبق عن صعوبة التوظيف لخريجي كليات طب الأسنان بالأيام القادمة، ولمن أصر على تخصص طب الأسنان بعد ذلك عليه تذكر المثل الحجازي القديم (الحجر من الأرض والدم من رأسك).