ظهرَ ما يسمى بـ«اختبار القدرات» قبل أكثر من 15 عاماً، وهو اختبار تقييم، الهدف منه المفاضلة وتقييم الأداء لدخول الجامعات السعودية، وقد أصبح واقعاً لا مفر منه منذ ذلك الحين.

كان اختبار القدرات اعترافاً واقعياً من وزارة التعليم العالي آنذاك، بضعفِ طرق التقييم التقليدية المتمثلة بدرجات الثانوية العامة التي أصبحت منالاً سهلاً لكلِّ من هب ودب، وأصبحت نسبة 99 %نتيجة تقليدية مُتعارفاً عليها، وتمت «مرمطة و امتهان» تقدير الامتياز، حتى أصبح هو التقدير الرائج بالمدارس، بعد أن كان خاصاً بالنخبة المتفوقة فقط. وبعد سنواتٍ من تطبيق مبدأ مفاضلة يُدعى «القدرات» مؤخراً، تم الإعلان عن دراسة إلغاء هذا «الاختبار» لعدم جدواه ورسومه المالية كما جاء بالخبر. وقد كان الإعلان شعبوياً بامتياز، ويلعب على عاطفة الاستنزاف المادي، ويدندن على «مشاعر» العوائل السعودية والطلاب الذين قاموا بالتهليل والاحتفال ليلا ونهارا.

اعتمدت اختبارات القياس منذ بدايتها على محاولة التعرف على القدرات العليا لدى الطالب كالتحليل والتركيب والاستنتاج والاستقراء ولا يعتمد على الاستظهار وسرد المعلومات. وأيضاً من أهداف اختبارات القدرات، قياس المعلومات والخبرات التراكمية للطالب خلال دراسته الطويلة. في الجانب الآخر، كان الناقمون على اختبار القدرات ينتقدون الوقت الزمني الطويل للاختبار مع ارتفاع أسعار الكتب والدورات والتشتيت الذهني للطلاب لأجل الحصول على درجات عالية بالاختبار.

لنكن منطقيين وموضوعيين بنفس الوقت، ونُجيب على بعض التساؤلات، ومن ثم نستطيع الحكم على التجربة بعيداً عن تأثير الأصوات المؤيدة والمعارضة:

1 - هل نسبة الثانوية العامة تكفي كمقياس عادل وموضوعي «وحيد» لدخول الجامعة؟.

2 - هل كنّا نحتاج إلى 15 عاماً لنصل إلى نتيجة أن الاختبار غير مجدٍ؟.

3 - هل هذا الاستنتاج بُني على دراسات علمية، مثلاً هل أثبتت أي دراسة أن الطلبة أصحاب الدرجات العالية بـ«القدرات» تخرجوا بصعوبة من الجامعة، أو العكس بالنسبة للدرجات المنخفضة؟.

4 - هل من المنطقي إلغاء اختبارات القياس أم نقوم بتحسين الخلل إن كان هناك حاجة للتحسين؟.

مما لا شك فيه أن وزارة التعليم مليئة بالخبراء الذين أفنوا حياتهم في خدمة العلم والتعليم، و «أهل مكة أدرى بشعابها»، لكن قد يكون هذا «الشعيب» بالغ الخطورة، فإلغاء «القدرات» ليس بتلك السهولة؛ لأنه أصبح مقياساً عادلاً وموضوعياً ومقنعاً بالمقارنة بنتائج التحصيل الثانوي التي لا تتعدى كونها (شخبط شخابيط) على ورقة الامتحان. ومن الأفضل العمل على تحسين تجربة الاختبار وحل سلبياته، فلا نريد أن نعود بـ«الريوس» للخلف، ولا نريد بعد عقدين من تطبيق «القياس»، أن نُطبق مقولة: «تيتي تيتي.. زي ما رحتي جيتي».