عندما أتجول في الكثير من مدننا سواءً كزائرٍ أو من خلال ما أشاهده من أعمال المدن الفنية من أفلام أو مسلسلات، أشاهد أسماء لوحات وعناوين متاجر ومحلات ومراكز ترفيهية إلى جانب حوارات بعض أبنائها ونقاشاتهم في المنتديات والندوات الثقافية والحوارات الثنائية أو الجماعية، كل ذلك يكون بلغة أقرب إلى الركاكة والضعف، أي أنها لغة غير عربية، وقد يكون ذلك من باب الوجاهة، وهي ظاهرة تبدو بسيطة وعابرة لكنها تمس الهوية في عمقها، ولابد أن نعمل جميعاً على تجاوز هذا المرض ومحاربته، فهناك الكثير من البيئات مستعدة لاستقباله، وعلينا حتى لا تستفحل وتتكاثر هذا الظاهرة أن نبحث عن أسبابها ووسائل وسبل علاجها إن وجدت، هناك استطاعة ومقدرة على ذلك، إذا سلمنا بأن هذه الظاهرة مرض، وأعتقد أنها كذلك؛ لأنها لا تتوقف عند حدود المظاهر اللغوية وحسب، ولكن تتعداها إلى استخدام ثقافات خارج حدودنا الجغرافية كمملكة عربية بتقاليد وعادات وتراث ثقافي كبير، فما نراه من انسياق وراء تثاقف لا يضيف إلى ثقافتنا وفكرنا غير التشبه والتقليد الأعمى لأشياء لا تشبهنا ولا تمت إلى واقعنا بصلة من الصلات سوى التقليد الأعمى بدون وعي، والانسياق وراء ثقافات الآخر بدون تبصر أو روية تمثل ثقافات وافدة من الغرب بشكل غير مدروس جيدا لدينا حتى يمكننا تصحيح مفاهيمها، ثم نكون في هذا الموقف مجرد مستهلكين لهذه الثقافة الوافدة بل لقشورها غير المفيدة تماما، كما نستهلك منتجات الغرب المتقدم دون أن نفهمها أو حتى نشارك في صنعها، ولكن حينما تتداول هذه الألسنة العربية لغة غربية عوضاً عن لساننا العربي تأتي كمقدمة للوثوب باتجاه محاكات الإنجازات الغربية لأجزم أن التنازل عن اللغة الأم ليس أبدا أول الطريق نحو بلوغ لغة العصر والمشاركة الفعالة في إنتاج أدواته، وأمامنا أمثلة كثيرة، فهذه اليابان، فرس الرهان في تكنولوجيا الإلكترونيات الأكثر تقدماً، فهي لا تتخلى أبدا عن لغتها الأم وتراثها الفكري، وأصبحت رائدة في الحداثة التقنية، والصين مثال آخر، فهي تتقدم كعملاق منافس مستقبلي لأقوى قوة اقتصادية في العالم لم تتنازل عن لغتها أيضا، بل نرى الصين من أكثر دول العالم ترجمة لثقافات الغرب في كل فنون المعرفة، دعوني أصل لقولِ إن مثل هذه المسميات التي نعتقد أنها جذابة وبراقة والخارجة عن نطاق لغتنا العربية الجميلة تجعلنا نكون فقط مجرد متشبهين بالغرب مقهورين أمام ثقافة مهيمنة، وهل بعد ذلك يكون في مقدور المقهور من وهم أساطير الغرب، أرجو ألا نجعل من أنفسنا شعوبا لا علاقة لها بماضيها المجيد، أدعو إلى العودة إلى مسمياتنا وأسمائنا العربية الأصيلة من خلال اللغة العربية، لغتنا الجميلة.