«أعتقد، إذا نجحنا في إصلاح المدرسة والأسرة ستُغلَق السجون». تأملت العبارة التي سطّرها الدكتور عيد العنزي، فوجدتها من أعمق العبارات تعبيرا عن أهمية تلك المؤسسات التربوية في ظل تغيرات الحياة، وما يترتب عليها من حاجة مُلحّة لتكامل الأدوار. المدرسة والأسرة، تعدّان المؤسستين التربويتين الأكثر أهمية بين بقية المؤسسات الأخرى، نظرا لدورهما الفعّال في تحقيق أهداف رؤية المملكة العربية السعودية 2030، ومن أبرز أهدافها خلق المواطن الصالح المنتج، إذْ تُعد هي المصنع لتلك الكوادر البشرية، التي هي تطلعات الغد ومستقبل الوطن المشرق بإذن الله. الأسرة هي المدرسة الأولى التي يتعلّم فيها الطفل، وهي الخليّة الأساسية في المجتمع، وهي المسؤولة عن قوّة أو ضعف البنية العامة، لكونها تقوم بوظيفة الأمن لأفرادها، ووظيفة التضامن بينهم، ووظيفة التكوين والتنشئة الاجتماعية. فهي التي تُعلّم وتُهذّب وتنقل خبرات الحياة ومهاراتها إلى الطفل، وهي التي تلعب دورا أساسيا في تكوينه النفسي، وتقويم سلوكه الفردي، وبعث الطمأنينة في نفسه، وإليها يعود الفضل في تشكيل شخصيته، وإكسابه العادات والسلوكيات التي تلازمه طوال حياته، فهي بالتالي مؤسسة شمولية تؤدي مختلف الأدوار. أما المدرسة، فهي تلك المؤسسة التي يعهد إليها دور التنشئة الاجتماعية، وفق مناهج وبرامج تتفق مع سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية، فتلعب المدرسة -كمؤسسة اجتماعية إلى جانب الأسرة- أدوارا لها أهميتها، وتتميز بوظائفها عن بقية المؤسسات الأخرى، لأنها تلامس مختلف جوانب الإنسان، إذ جعلته ذلك الكائن الذي يعرف ذاته أولا ثم يكتشف الآخر ثانيا. ولن تستطيع المدرسة أن تنهض بأعبائها وواجباتها على وجه حسن، إلّا في ظل تعاون وثيق مع الأسرة، مما يجعل المدرسة أداة مؤثرة وفعالة في توجيه الأبناء وتعليمهم. توطيد العلاقة بين الأسرة والمدرسة يعني تحقيق الأهداف التربوية، التي يسعى إليها كلا الطرفين. فالبناء التربوي هو المسؤولية المشتركة بينهما، والطالب هو محور هذه المسؤولية. وإذا صلحت المدرسة والأسرة، صلح المجتمع بإذن الله تعالى.