جاء الاهتمام العالمي بالطرح الأولي لشركة أرامكو «أكبر شركة للنفط في العالم»، بمثابة دليل جديد على المكانة الرفيعة التي تحظى بها المملكة العربية السعودية على الساحتين «الإقليمية والدولية»، وعكس مدى التأثير والحيوية اللذين تتمتع بهما السعودية على الساحة الدولية، فما يدور في السعودية وحولها يؤثر على العالم بالكامل. فمن أين اكتسبت السعودية هذه المكانة؟ وكيف عززت سياسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، هذه المكانة الرفيعة التي تحظى بها المملكة؟.

المبادرة والكفاءة

منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الحكم في يناير 2015، انتهجت المملكة العربية السعودية سياسية تقوم على «المبادرة والكفاءة»، وتعزيز المكانة التي تحظى بها عالميّا وعربيّا وإسلاميّا، خلال تقوية مكانة المملكة «كمحور استقرار» المنطقة العربية، والشرق الأوسط، وجنوب غرب آسيا.

وقامت المملكة -منذ ذلك الحين- بكثير من المبادرات، ربما أبرزها تشكيل التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن، والبدء في تطبيق رؤية 2030 لمهندسها الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، والتي فتحت آفاقا غير مسبوقة لإجراء تغيّرات هيكلية كاملة في الاقتصاد السعودي، وإدخال عناصر جديدة لم تكن مسبوقة في الاقتصاد السعودي، مع الاهتمام بشكل خاص بالشباب والمرأة.

وكشفت هذه السياسية القائمة على «الشجاعة في الطرح»، و«الأمانة في القول»، و«الدقة في التنفيذ»، أن المملكة العربية السعودية تجتاحها «روح الإبداع والابتكار»، ووجدت الخطوات التي أقدمت عليها المملكة، مثل: السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، وعودة عرض الأفلام السينمائية، ومنح التأشيرات السياحية، ترحيبا كبيرا، سواء من المجتمع السعودي والعربي، أو من المجتمع الدولي.

وكعادة الدول والأمم القوية، فإن «التحديات» يمكن أن تتحول إلى «فرص». فقبل الاعتداءات الإرهابية على معمَلَي أرامكو «شرق السعودية» كان الإعلام المعادي لكل ما هو إنساني وعربي وإسلامي، يشكك في قدرات أرامكو، لكن بعد هذا الاعتداء وقدرة المملكة وأرامكو على العودة إلى كامل الإنتاج خلال أسبوعين فقط من الهجوم، زادت من قيمة أرامكو، وتأكد العالم أن كل ما كانت تقوله السعودية عن شركتها العملاقة صحيح تماما.

هذه الثقة الكبيرة كانت واضحة في اهتمام كل دول العالم بهذا الطرح العملاق، فخلال متابعتي وسائل الإعلام الأجنبية، يصعب وجود دولة في العالم لم تهتم وسائل إعلامها بطرح أرامكو الأولي في البورصة السعودية،​ وبعد ذلك في البورصات العالمية. فالمملكة ليست فقط أكبر مصدر للنفط إلى العالم، بل هي «رمّانة الاستقرار» في السوق العالمي للنفط. ففي صباح كل يوم ترنو عيون العالم إلى المملكة ليتأكد أكثر من 2.5 مليار من البشر، من سهولة ويسر تدفق النفط إلى دولهم من منطقة الخليج. وعندما شهد العالم حالة من عدم الاستقرار في الأسواق النفطية، توصلت المملكة مع روسيا وغيرها من المنتجين الكبار للنفط، إلى تشكيل ما سمي «أوبك +»، وهو الأمر الذي أسهم بقوة في الحفاظ على سوق النفط الخام على المستوى الدولي، وهذا يؤكد مكانة المملكة كشريك مسؤول للمجتمع الدولي، في الحفاظ على الاستقرار والتنمية المستدامة، وتعزيز التجارة الدولية، وبناء تفاعل عادل وإيجابي بين شعوب ودول كل الكرة الأرضية.

ردع وتنمية

في كلمته أمام القمة الإسلامية التي عقدت في العشر الأواخر من رمضان الماضي، قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، إن المملكة العربية السعودية قدّمت نموذجا فريدا في المنطقة يقوم على محورين:

الأول: هو التصدي للاعتداءات والاستفزازات الإيرانية، خلال تعزيز الردع والجاهزية السعودية، والتنسيق مع الدول الصديقة والشقيقة لمواجهة السلوك المزعزع للاستقرار في المنطقة العربية كلها.

الثاني: تحقيق التنمية والرخاء للشعب السعودي. فرؤية 2030 تنظر إلى الإنسان السعودي باعتباره محور التنمية وهدفها في الوقت ذاته، وهذه معادلة صعبة نجحت دول قليلة جدا في تحقيقها.

فغالبية دول العالم عندما تواجه مخاطر، تركّز على مواجهة تلك المخاطر، وتؤجل التنمية إلى مراحل لاحقة، لكن المملكة العربية السعودية ربما هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي عملت «بالتزامن» في مواجهة المخاطر، وفي الوقت ذاته تحقيق أعلى معدلات النمو والرخاء للشعب السعودي

عربيا وإسلاميا

على المستوى العربي والإسلامي، تحتل السعودية مكانة خاصة، خلال عملها الدائم على تعزيز العمل العربي المشترك. فالمملكة العربية السعودية مع أشقائها العرب تمثل «الرافعة» لكل عمل عربي يهدف إلى تعزيز الأجندة والأهداف العربية.

أما على الصعيد الإسلامي، فإن خدمة المملكة للمسلمين في كل أنحاء العالم، محل تقدير وامتنان كبيرَين من كل الشعوب والأمم الإسلامية، التي ترى في خدمة المملكة للإسلام دليل قوة وعزة لجميع المسلمين بكل دول العالم.