عندما بدأ الدكتور جاسم الياقوت مبادرته الجميلة بإقامة مهرجان «كرتنا ثقافتنا» و«الكرة تجمعنا ولا تفرقنا»، والتي ابتدأها في نادي القادسية بمدينة الخبر تحت رعاية كريمة من أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، يبدو وكأنه كان يتوقع ويتوجس خيفة مما يجري على الساحة هذه الأيام في مجتمع كرة القدم من تعصب أعمى ونشر للكراهية وتأجيجها، مما ترتب عليه الحساسية الشديدة والفرقة بين أفراد المجتمع، وبين الأسرة الواحدة، وبين الإخوة، وبين الزوج وزوجته، ونسمع أحيانا أن هناك بعض الحالات التي وصل فيها الأمر إلى الانفصال، كل ذلك بسبب التعصب الشديد.

ولكن ما هي الأسباب التي ساعدت على انتشار هذه السلوكيات البغيضة؟.

للأسف الشديد، نجد أن من أبرز وأهم هذه الأسباب وجود بعض الإعلاميين الرياضيين، الذين يظهرون على شاشات التلفاز في القنوات الرياضية وبعض مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يخفون مشاعر الحقد والكراهية بصورة مثيرة للاشمئزاز تجاه أندية بعينها، فيؤذون مسامع الناس ويؤججون مشاعر الآخرين ضد الأندية المنافسة، ولا أعلم ما هي الأسباب التي قد تدفع بإعلامي – من المفترض أن يكون على الحياد – إلى السخرية أو الاستهزاء بناد وطني آخر.

ونفس الكلام الذي قلناه عن بعض الإعلاميين ينطبق أيضا على قلة من الشخصيات التي تستضيفها أستوديوهات التحليل الرياضية، فنجد منهم من تظهر ميوله الكروية بشكل مبالغ فيه في ألفاظه وفلتات لسانه.

على المستوى الشخصي، فأنا ميولي نصراوية، ولكن عندما فاز الهلال ببطولة آسيا أخيرا، أقمت حفلا صغيرا في العمل على شرف هذا الفوز، وقدمت التهنئة لزملائي الهلاليين، فكل انتصار لناد سعودي هو إضافة لتاريخنا الرياضي، ونحن نفخر أن نرى الهلال والنصر وكل الأندية الأخرى تتنافس في هذا المضمار الدولي، وتضيف إلى رصيدنا الرياضي.. وقد أدهشتني ردة فعل الزملاء الذين أبدوا ترحيبهم بهذه المبادرة.. والذي أدهشني أكثر أن «الطقطقة» بين الزملاء قد خفّت حدتها.. وأصبح لصوت العقل والمنطق مكانا في حوارهم ونقاشاتهم الكروية التي لا تنتهي.

إنني أرجو وأناشد المسؤولين عن هذا القطاع للانتباه وتوخي الحذر مما يمكن أن تؤدي إليه هذه العصبية من فرقة وخلاف وتوتر وعدم استقرار بين أفراد المجتمع، وأود أن أقول إن من حق أي شخص أن ينتمي ويشجع أي ناد، وله كامل الحرية في أن يصرح بانتمائه دون تجريح الآخرين أو الانتقاص منهم، وكل ما أخشاه أن يؤدي خطاب الكراهية والعصبية الشديدة إلى ما لا تحمد عقباه.

وختاما، أرجو من الجميع الالتزام بالروح الرياضية ونبذ التعصب والتمسك بشعار المبادرة «كرة القدم تجمعنا ولا تفرقنا»، ومن لا يعترف بهذا المبدأ فعليه أن يراجع نفسه أو أن يترك ساحة الرياضة لأصحابها.