كانت المرأة ولا تزال حجر الأساس في النظام الاجتماعي، والعنصر الرئيس في نمو المجتمعات، وأصبح المقياس الحضاري للأمم والشعوب يتمثل في مدى تمتع المرأة بحقوقها وقدرتها على أداء واجباتها المنوطة بها، في مجتمعها الصغير ومن خلال المجتمع الكبير.

ونحن في المجتمع السعودي كفل لنا الإسلام التشريعات اللازمة للمرأة في المجتمع على كل الأصعدة، وإن وجدت المرأة تعسفا من البعض في بعض الممارسات فهذا نتاج لموروث، ديننا منه بريء ويحذر منه كثير من العلماء في أكثر من مناسبة وعلى أكثر من منبر.

وجاء «مجلس شؤون الأسرة» ليكون المؤسسة المعنية بالأسرة أزلا وبقضايا المرأة من خلال عدد من المبادرات واللجان التي عملت على تأسيس تشريعات وعمل مؤسسي يحفظ لهذه المنظومة كيانها وقدرتها على التفاعلات، والتكيف مع المتغيرات حولها.

تحت مظلة جامعة الدول العربية، استضافت المملكة ممثلة في «مجلس شؤون الأسرة» اجتماع الدورة الـ39 للجنة المرأة العربية يومي 9 - 10 فبراير2020 الماضيين بمدينة الرياض، حيث ترأس المملكة لجنة المرأة العربية هذا العام، وتم فيه إعلان الرياض عاصمة المرأة العربية 2020 تحت شعار «المرأة وطن وطموح».

وقد تم في هذه الدورة استعراض أجندة التنمية المستدامة 2030 وسبل تمكين المرأة في المنطقة العربية، من خلال تعزيز دور المرأة في المجتمعات العربية، مرورا بتطوير آليات التعاون مع المنظمات الدولية المعنية، ولأن المملكة ترأس G20 يمنحها ذلك أدوارا ذات بعد إقليمي تشارك فيه المجتمع الدولي بأهم القضايا التي تؤثر في مشاركة المرأة العربية في التنمية، ويسهم في إيصال صوتها للعالم أجمع من خلال عدد من المنصات ذات الأثر والتأثير الواضح في المشهد العالي، خاصة تجاه قضايا المرأة، ويأتي في إطار جهود المملكة في خدمة القضايا العربية ودعم الحراك التنموي في المجتمعات العربية، والنهوض بوضع المرأة ودعم حقوقها من خلال التمكين الاقتصادي والاجتماعي، وتأكيدا لدورها الريادي والمؤثر في القطاعات الحيوية.

تأتي هذه الاستضافة لهذه الدورة التي اتخذت شعارا لها بعنوان «تمكين المرأة.. تنمية للمجتمع»، لنفرح أن بلادنا تشهد العديد من الإصلاحات المتعلقة بمسار تمكين المرأة وفق رؤية المملكة الطموحة 2030 التي كان لها الأثر المباشر في دعم وتمكين المرأة السعودية على مختلف الأصعدة، من خلال العديد من القرارات والتشريعات التي تدعم مسيرتها وتعزز مكانتها.

2020 هو عام التحولات والريادة الإقليمية والدولية لنا، من خلال عدد من الأحداث والمناسبات التي نشارك فيها، نتلمس دورنا الفعال في المشهد الدولي، ونجدها فرصة لا بد من استثمارها لتحقيق مكاسب عدة والقفز خطوات أسرع للأمام.

كلنا يتذكر كيف أن وسائل الإعلام الغربية كانت تجد في واقع المرأة السعودية فرصة للانتقاد والتطاول على ثوابت معينة، ويتم ذلك من خلال تزييف لكثير من الحالات، وعدم قدرة مؤسساتنا الإعلامية على تغيير الصورة النمطية عنا، خاصة تجاه ما يتعلق بالمرأة!

ولكننا اليوم لسنا كالأمس، فقد استطعنا إعادة كثير من الأمور لنصابها، وتقديم أنفسنا كقوة ناعمة استطاعت توظيف قدراتها وخبراتها لتحسين الحياة في العالم عبر التفاعلات الاقتصادية والسياسية، وما يتعلق بحقوق الإنسان وما يجب على العالم أن يعرفه عنا.

ما قدمه سمو ولي العهد من رؤية حالمة وواضحة لبلادنا، جعل الكل يلتفت إلينا ويقترب منا، ويبحث عن أي وسيلة ليرى ما نحن عليه ويشيد به من خلال منابره الإعلامية والثقافية، وهذا إنجاز يسجل لقيادتنا ومؤسساتنا الرسمية والمجتمع المدني، أفرادا وجماعات، الذين قاموا بأدوار فاعلة في تبيان واقع ما نتمتع به من حياة وأنظمة تكفل لنا الحياة بأمن وأمان.

«مجلس شؤون الأسرة» كمؤسسة ذات شرعية وحضور إقليمي ودولي واضح للعيان، خير واجهة لنا، وخير من يتحدث عنا ويمثلنا في المحافل، والمجلس رغم حداثة سنه إلا أنه استطاع اختصار كثير من المراحل، وأوجد له كيانا يصنع من خلاله كثيرا من المنجزات الاجتماعية والحضارية.

وكون الرياض هي عاصمة المرأة لهذا العام، فهذا يتطلب منا جهدا مضاعفا نستثمر فيه، ونقدم عددا من المبادرات والفعاليات التي تظهر الوجه الناصع للمرأة السعودية. نحتاج إلى توثيق مسيرة المرأة السعودية في بلادنا ورصد كل تطوراتها، من قبل التوحيد وبعده حتى الآن، وكيف أن رؤية 2030 كفلت لها المستقبل، ورفعت عن كاهلها كثيرا من العقبات والصعوبات. ما نزال في حاجة إلى مراجعة كل شؤون المرأة ومواكبة التطور حولنا وفق ثوابتنا وقيمنا، وخلق فرص جديدة للمرأة تعليميا وعمليا، وحفظ حقوقها دون استغلالها من طرف على حساب طرف، لا نريد لهذا العام أن ينتهي إلا ونحن قدوة للنساء في العالم كله، ممارسة ومنهجا.

المرأة السعودية كانت ولا تزال فخر مجتمعها، وأساسا لنموه، وحماية له من كثير من السلبيات المحيطة به من الداخل والخارج، وتستحق تجربتها وتضحياتها وصبرها أن يدرس وتتعلم منه المجتمعات أكثر.