صناعة السياحة من أهم ما يميز العالم المعاصر، والتي أصبحت رافدا اقتصاديا لكثير من البلدان، فساهمت في انخفاض معدلات البطالة وزيادة الدخل وفي إيقاف الهجرة من تلك المواقع، بعد أن أصبحت المعالم السياحية والفوائد السياحية لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، وإنما تشمل الجوانب الثقافية والأثرية والتاريخية والاجتماعية. ولنجاح صناعة السياحة لا بد من تكاملٍ بين المجتمع ومؤسسات وشركات القطاع العام والخاص. وللقطاع الخاص اليد الطولى في صناعة السياحة في تلك اللآلئ المتناثرة على شواطئ البحار.

جزيرة فرسان والجزر التابعة لها تشكل أرخبيلاً من الجزر المتناثرة والمتقاربة التي تقع في الطرف الجنوبي الشرقي للبحر الأحمر، حيث يبلغ عدد جزر الأرخبيل ما يربو على مئتي جزيرة، وكثيرٌ من هذه الجزر غير مأهولة بالسكان، فهي جزر بكر، تتميز بجمال شواطئها وصفاء مياهها ونقاء رمالها. وتعتز فرسان بآثارها، فهناك القلعة العثمانية، ووادي مطر الذي تكثر به الصخور التي تحمل الكتابات الحميرية، وهناك منطقة عرين وقلعة لقمان ومسجد النجدي الذي شيده تاجر اللؤلؤ إبراهيم التميمي في عام 1347 للهجرة، ويوجد أيضا بيت الجرمل الذي يعتقد أن الألمان هم من بنوه ليكون مستودعاً للذخيرة والسلاح أثناء الحرب العالمية الأولى. والبعض من هذه المعالم التاريخية قد تساقط منها أجزاء كبيرة ما يدعو إلى عمليات ترميم وتأهيل عاجلة للحفاظ على هذا الموروث التاريخي الهام. وبمراجعةِ التاريخ نجده يذكر جزيرة فرسان في فترة ما قبل الإسلام، ثم تعاقبت الكثير من الحضارات على تلك الجزيرة التي يحيط بها سحر الجمال، فتزداد حبا لها كلما زرتها، ويصيبك الشوق عند فراقها، كيف لا وهي الجزيرة التي تبعث في النفس السكينة والهدوء. فرسان تلك الجزيرة النائمة بين جفني البحر الأحمر، وتلك اللؤلؤة التي تحلم أن تصبح كمثيلاتها من جزر العالم التي غدت معالم سياحية يقصدها العالم أجمع.

وتشهد محافظة فرسان حاليا اهتماماً غير مسبوق ونظرة مستقبلية لتكون مقصداً سياحياً عالمياً في ظل توفر الإمكانات الطبيعية وفي ظل وجود التوجه العام إلى أن تكون السياحة أحد روافد الاقتصاد في المملكة العربية السعودية. إن تحويل جزر فرسان إلى استثمار سياحي سيساهم بشكل مباشر في تحسين معدل الدخل للمواطنين بهذه الجزيرة، وسينعكس بشكل مباشر على تحسين معدلات البطالة والتوطين والهجرة للجزيرة بشكل خاص ولمنطقة جازان بشكل عام. كذلك فإن إنشاء مطار بفرسان سيخفف من معاناة قاطني الجزيرة وطلابها وقاصديها أثناء تنقلاتهم مع كل ريح عاصفة ومع كل موج عالية. أيضا يجب ألا ننسى أن جزيرة فرسان التي تحتفل كل عام بحريدها قد لا تجد العدد الكافي من الفنادق لاستقبال ضيوفها وزائريها، ولكن مع تحقيق حلم الاستثمار السياحي، فإن تلك الجزيرة الهادئة ستكون مكتظة بالفنادق، وسيزداد عدد الحاضرين لمهرجان الحريد بشكل مضاعف. وأخيراً فإن أحلام أبناء الجزيرة الحالمة ستتحقق وسترى النور قريباً.