استوقفني تعليق أحدهم عن خبر إعلان أرامكو عن العمل على حقل الجافورة العملاق، كأكبر حقل للغاز يتم اكتشافه في السعودية، والذي سينقل بلدنا من المركز التاسع إلى المركز الثالث عالميا في انتاج الغاز، بدخلٍ صافٍ للدولة يقدر بـ32 مليار ريال سعودي سنويا.

يتداول الناس الخبر السعيد، إلا أن شخصا ما في أحد المجالس يعلق: «وش فايدتنا من هالغاز وملياراته، هل سيدخل جيب المواطن شيء؟!».

طبعا الحديث المحبط يولد الإحباط، وهو ما حدث ويحدث بين أوساط الناس، سيما العامة والبسطاء.

بلا شك، فإن هذا التفكير ساذج إلى حد كبير، وقد يصدر من شخص بسيط لا يدرك مآلاته، غير أن الخطر يكمن حين يصدر من شخص ناقم على الوطن، يحمل أجندة خفية يمارس خلالها التضليل بأوساط العامة، في العالم الافتراضي أو الواقعي. هؤلاء الخبثاء يمررون رسائل لئيمة من قبيل التساؤلات السابقة وغيرها من الجُمل، التي تبدو للعوام منطقية لكنها قد تقع موقعها عند المتلقي السطحي.

بالطبع، فإن المواطن هو المستفيد الأول من تلك العائدات ومداخيل البلد الاقتصادية، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فالمباشرة تنصب في توفير آلاف بل عشرات الآلاف من فرص عمل جديدة للمواطنين والمواطنات، علاوة عن دعم قطاع الإسكان، تحديدا، والذي هو جُلّ اهتمامات الملك وولي عهده، لهذا قدمت الوزارة دعما مباشرا لتمليك مساكن لأكثر من 437 ألف أسرة سعودية إلى هذا اليوم.

الدعم غير المباشر للمواطن من مداخيل البلد يصعب حصرها، في بلد يعيش بنية تحتية وخدمية شبه متكاملة، والتي نأمل أن تكتمل قريبا، سيما وقد أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أن تكون أولوية تخصيص إنتاج حقل الجافورة العملاق، من الغاز وسوائله، للقطاعات المحلية في الصناعة والكهرباء وتحلية المياه والتعدين وغيرها، لمواكبة معدلات النمو الطموحة وفق رؤية 2030.

وللرد على أولئك السذج والمغرضين ندعوهم إلى مشاهدة أوضاع بلدان نفطية معروفة، ليروا العجب العجاب من تردي البنى التحتية والخدمية، المتمثلة في شبكات الطرق وموارد المياه والشبكات الكهربائية والاتصالات، وخدمات البلديات والصحة والتعليم، وهي مكونات لازمة لتمكين الحياة المجتمعية، يتحدد خلالها الحكم على تنمية أي دولة.

في الجانب الآخر، نشاهد دولا غربية متقدمة في البنى التحتية ومجالات التنمية، غير أن هذا على حساب المواطن، من خلال مبالغ نقدية تتقاضاها الدولة من الأفراد والمؤسسات بهدف تمويل نفقات الدولة، أي تمويل كل القطاعات التي تصرف عليها الدولة كالجيش والشرطة والتعليم.

هناك نفقات أخرى تبعا لسياسات الدول الاقتصادية، كدعم سلع وقطاعات معينة، أو الصرف على البنية التحتية، كبناء الطرقات والسدود، أو التأمين على البطالة، والذي يستقطع من دخل المواطنين.

فمثلا، في الولايات المتحدة وبريطانيا يستقطع من دخل الأفراد 24 %، بينما نجد 42 %، 40 %، 39 %، 28 % في فرنسا، الدنمرك، ألمانيا، وبلجيكا على التوالي، ممثلة في ضريبة دولة وضريبة ضمان اجتماعي، حسب تقرير cnn المنشور في 04 مايو 2014.

توجد ضرائب أخرى في كثير من الدول، كالضرائب العامة والمحلية وضرائب الاتصالات والمبيعات ورسوم صيانة البنى التحتية. فمثلا في أميركا تراوح الضرائب بين 17 % و6 % حسب الولاية، وهي ضرائب عامة «فيدرالية» تذهب لمصلحة الحكومة المركزية، بينما هناك ضرائب محلية تذهب لمصلحة الولاية والمدينة التابعة للولاية. هذا على مستوى المواطنين العاديين، أما المستثمرون، فهم يدفعون ضرائب التجارة ثم ينهون إجراءات ضرائبهم الشخصية، والتي قد تصل مجموعها إلى 50%. هناك ضرائب أخرى على الأملاك العقارية تصل إلى 4%، فضلا عن ضرائب إهداء المال والأملاك والضرائب المفروضة على مواطني بعض الدول المقيمين في الخارج!.

كل تلك الضرائب وغيرها التي يصعب حصرها، لا نجدها في بلادنا، ثم يأتي صعلوك يثير المجتمع برسائل خرقاء من قبيل «وش فايدتنا من هالغاز وملياراته، هل سيدخل جيب المواطن شيء؟!»