من التحضر، والالتزام بالشريعة والقانون والأخلاق، ألا تقابل الإساءة بالإساءة، وإلا فإنك مسيء مثل الأول، مهما كانت المسوغات مفسرة لا مبررة.

ولذا ينبغي أن يتسامح الحكيم، ويصبر، ويتغاضى، ويتغافل، لمصلحة نفسه الصحية أولاً، ثم لئلا يشغل نفسه مع الجاهلين ويقول «سلاما»، وإلا فسوف ينهك روحه وجهده.

ولكن إذا كان ولا بد من الحساب، فلا يكون بالافتئات على القوانين والأعراف، وإنما باللجوء الحضاري للتقاضي الشرعي، وفق الأنظمة واللوائح والتعليمات.

وهذا الذي فعلته شخصياً قبل سنوات حينما قلت رأيي في قيادة المرأة للسيارة، وأنه جائز من حيث المبدأ إلا أنه ممنوع من حيث التعليمات، وأنها مسألة اجتماعية لا دينية.

وحينها هاجمني أحدهم واتهمني بأني أدعو لفصل الدين عن الحياة، وحرض علي متابعيه في مواقع التواصل، وحينها لجأت للقضاء وأعطيت الناس درساً في «ثقافة التقاضي» لا ثقافة التشاتم.

وهكذا في قضية تالية لها، حيث نشر أحدهم قصيدة ضدي، فلجأت للقضاء كذلك، وحينها تدخل الكثير من علية القوم للشفاعة له، وصار تاريخاً يروى، ودرساً لم يستفد منه البعض ليكرر نفس الأخطاء، دون مراعاة للشريعة وأحكامها، ولا للنظام وسيادته.

والحمد لله أنه بعد أن كانت المحاكم الجزائية لا تعرف قضايا «جرائم المعلوماتية»، إذا بها تسطر الإحصائيات السنوية بالمئات من تلك القضايا، كدليل على أن المجتمع متحضر، ويلجأ للقضاء، لا الافتئات على السلطة، أو مقابلة الإساءة بالإساءة.