وأد البنات

روت الرواةُ أن صعصعة بن ناجية لَمَّا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلَم قال: يا رسول الله، إني كنت أعملُ عملاً في الجاهلية، أفينفَعُني ذلك اليوم؟ قال: ما عملُك؟ قال: أضللتُ ناقتين عُشراوين - يقال هذا للناقة الحامل - فركبتُ جملي ومضيتُ في طلبهما، فرفع لي بيت جديد - بعيد عن الناس والطريق - فقصدتُه، فإذا شيخٌ جالس بفِناء الدار، فسألتُه عن الناقتين، فقال: ما نارُهما؟ - أي وَسْمهما - قلت: مِيسم بني دارم، فقال: هما عندي، وقد أحيا الله بهما قومًا من أهلك مُضَر، فجلستُ معه لتخرجا إليَّ، فإذا عجوز قد خرجت من كسر البيت، فقال لها: وضعتِ؟ فإن كان سقبًا - ذكَرًا - شارَكَنا في أموالنا - أي رضِي به - وإن كانت حائلاً - أنثى - وَأَدْناها، فقالت العجوز: وضعتُ أنثى، فقلت أتبيعُها؟ قال: وهل تبيع العربُ أولادها؟! قلت: إنما أشتري منك حياتَها، ولا أشتري رقَّها، قال: فبكم؟ قلت: احتكم، قال: بالناقتين والجمل، قلت: ذلك لك على أن يُبلِّغَني الجملُ وإياها إلى منازلي، ففعَل.

فآمنت بك يا رسول الله وقد صارت لي سنَّة في العرب، على أن أشتري كلَّ موءودة بناقتين عُشراوين وجمل، فعندي إلى هذه الغاية ثمانون ومائتا موءودة قد أنقذتُها، فقال رسول الله: (لا ينفَعُك ذلك؛ لأنك لم تبتغِ به وجهَ الله، وإن تعمَلْ في إسلامك عملاً صالحًا تُثَبْ عليه).