خارج الصندوق عالم مختلف تماماً فلا النظرة هي النظرة، ولا المساحة هي المساحة، ولا التفكير هو التفكير.

داخل الصندوق محاط بأبعاد محددة ومسافات يصعب الحركة في نطاق حدودها وبمقاييس تجعل الإنسان غير قادر على النظر أبعد من حدود جسده المكوم داخل هذا الصندوق، وعندما يحاول الحركة قد يحطم بقدميه أحد أركانه، لهذا عندما يحاول الإنسان البحث عن حلول عليه أن يفكر من خارج الصندوق وليس من داخله، ويتخلص من التأطير الذي يضيق حدود الحلول والخيارات المتعددة التي قد تُعرض عليه وهو داخل صندوقه الوهمي الذي قوّلب نفسه فيه، فالحياة أرحب وأوسع من أن نجبر أنفسنا على تضييقها على أنفسنا وعلى من نحبهم أو على المحيطين بنا، فاعتقاد الإنسان بأنه لا يستطيع العيش إلا في جلباب أحدهم أمر غير منطقي، والشعور بالعجز والإنكسار لا يحدث إلا للأشخاص الذين جعلوا ممن يحبونهم تماثيل يقدمون لهم قرابين من المشاعر الثمينة التي لا بد وأن تخذلهم في يوم من الأيام لأنها بالنهاية مجرد تماثيل اُحيطت بهالة لا تستحقها لأنها "أي التماثيل" البشرية غير القادرة على حماية نفسها من نفسها ولا حتى محبة ذاتها فكيف يرجى ممن افتقدوا مشاعر التقدير لذاتهم أن يمنحوا التقدير للآخرين.

في النهاية، محاولة الخروج من الصندوق ليست بالأمر الهَّين وستتكرر التجارب والمحاولات والوقوع، وإذا كان الخروج منه أدعى للنجاة فلا بأس من الوقوع المتكرر، فقيمة الوقوف على أرض صلبة من جديد أدعى للشعور بقيمة النجاح وقيمة الحياة، وأشبه بالصعود لقمة جبل بعد مشقة لتطل منه على عالم أوسع ولتستمتع بمشاهدة شلالات الأمل وهي تدفق أمامك ولتعيد للعالم من حولك الخضرة والجمال، ويوماً ما سيبعث الله لك طائر السعد الذي ينسيك مشقة الصعود.