يشكل المرء خلال حياته دوائر مجتمعية، هذه الدوائر مكونة من أشخاص يسكنون بالقرب منه أو أشخاص درسوا معه أو أشخاص عملوا معه، أو ربما أشخاص التقى بهم يشاركونه شيئاً من الاهتمامات، فيروس كورونا (كوفيد-19) أثر بشكل كبير على هذه الدوائر المجتمعية وأخل بتوازنها، فالانقطاع المفاجئ الذي فرض نفسه على الجميع كان له أثر في رفع حالة التوتر أو القلق وربما الاكتئاب لدى البعض.

من الضروري البحث عن الطرق المناسبة لتجاوز هذه الأزمات، ولكن إذا كنا ما زلنا نعيش في وسط الجائحة - رغم خفة وطأتها - فالخيارات التي يمكن استخدامها تبدأ في التناقص، خصوصاً أنه ومع تخفيف الاحتياطات الاحترازية تبقى التوصية بالتباعد الاجتماعي مطروحة.

نعلم أن استخدام التقنية للوصول للحالات التي تحتاج إلى تدخل طبي أو نفسي هو الحل الأكثر فاعلية حالياً، صحيح أنه يمكننا استخدام الاتصال عن بعد للربط بين المتخصصين والمرضى، ولكن لازدياد حجم الحالات التي تحتاج إلى تواصل مع المختصين فالاستخدام التقليدي للتقنية لم يعد ذا جدوى.

من الأنسب لهذه المرحلة النظر إلى حلول ذكية أكثر فاعلية ويمكن تطبيقها على نطاق أوسع كالـ«شات بوت» (Chatbot) أو المدردش الآلي. الشات بوت عبارة عن تطبيق للدردشة، شبيه بتطبيقات التواصل الاجتماعي الموجودة في هاتفك، ولكن حين تستخدم هذه التقنية للدردشة فأنت تتحدث مع خوارزمية ذكاء اصطناعي وليس أحد أصدقائك، هذه الخوارزمية لديها القدرة للتواصل والتفاعل مع المستخدم، وتستطيع التحاور معه حول موضوع ما، تتميز هذه الخوارزميات بالقدرة على الحفاظ على مسار المحادثة المتدفق.

يقترح فريق أمريكي - هولندي بقيادة عالم الاجتماع والتواصل بين الثقافات المستشار راسل بولمر (Russell Fulmer) من جامعة نورثوسترن (Northwestern University) استخدام الشات بوت للتعامل مع حالات القلق والاكتئاب، وقد قام الفريق البحثي بإطلاق منصة شات بوت للطلاب الذين يعانون من القلق أو الاكتئاب، حيث تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي بالتواصل والدردشة والتفاعل مع المستخدم، هذا التواصل يتم بطريقة ذكية تضمن التقليل من حالة التوتر والقلق لدى المستخدم.

من فوائد مثل هذه التقنيات إمكانية إطلاقها على مستوى أو نطاق كبير لشريحة كبيرة من المستخدمين في الوقت نفسه، فالوصول للمريض أو المصاب أو التدخل الطبي في الوقت المناسب له أثر كبير في العلاج، وفي المرة القادمة التي تفكر فيها في حل لمشكلة ما، احرص على إمكانية تطبيق الحل على نطاق واسع حتى ولو كان قد أثبت كفاءته في النطاقات المحدودة.