سلط الانفجار في مرفأ بيروت، الضوء على المرفق الحيوي الذي يعتبر صورة مصغّرة عن مؤسسات الدولة اللبنانية لجهة استشراء الفساد والرشاوى ونفوذ قوى سياسية فيه.

ويقول الباحث محمد شمس الدين من مركز «الدولية للمعلومات» الذي نشر دراسات عدة حول الفساد والتهرب الضريبي في لبنان لوكالة فرانس برس، :»يُعدّ المرفأ من أكثر المرافق فساداً»، مضيفا «ليست هناك رقابة فعلية من الحكومة عليه، سواء على جباية الأموال أو إنفاقها».

كما ذكر متابعون لملف المرفأ، بأنه يحتوي على تهرب ضريبي ومزادات علنية مشكوك بها ورواتب خيالية يستفيد منها موظفون على مستوى رفيع محسوبين على قوى سياسية باتت شريحة واسعة من اللبنانيين تطالب برحيلها.

خط عسكري

يستخدم حزب الله، القوة السياسية الأبرز في لبنان، المرفأ لتمرير بضائع لصالحه أو لصالح رجال أعمال محسوبين عليه، وفق مصادر عدة.

ويقول رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر: «من المعروف أن هناك بضائع للمقاومة (حزب الله) تمر عبر المرفأ والمطار»، عدا عن المعابر الحدودية.

ويضيف «في المرفأ كما في المطار، لديه خط عسكري تمر عبره البضائع والسلع من دون تفتيش أو رقابة»، موضحاً «خط المقاومة هذا هو نتيجة اتفاق ضمني مع السلطات على ألا يقترب منه أحد».

وفي عام 2019، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على المسؤول البارز في حزب الله وفيق صفا بسبب استغلاله «الموانئ والمعابر الحدودية اللبنانية للتهريب وتسهيل السفر بالنيابة عن حزب الله»، وفق ما جاء في بيان للسفارة الأمريكية آنذاك.

تقرير الجمارك

يسمّي تقرير أعده جهاز أمني قبل أشهر واطلعت وكالة فرانس برس على نسخة منه، بالاسم 5 موظفين على الأقل في مفرزة الجمارك في قسم معاينة البضاعة، «يمنع استبدالهم»، وفق ما ورد فيه.

ويورد بالتفصيل تبعيتهم لمسؤولين محسوبين بدورهم على قوى سياسية (التيار الوطني الحر، حزب الله، حركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، تيار المستقبل، حزب القوات اللبنانية).

ويفصل التقرير كيفية تقاضيهم وغيرهم من موظفي المرفأ الرشى لقاء معاملات إخراج البضاعة من المرفأ.

بنجامين فرانكلين

يرى الصحافي الاستقصائي رياض قبيسي الذي يولي منذ سنوات اهتماماً خاصاً بملف الفساد في المرفأ، أن «جهاز الجمارك هو الفاسد الأكبر، وأكبر عملياته تحصل في المرفأ»، مضيفاً «كل ما يهمهم هو أن يروا عملة بنجامين فرانكلين»، في إشارة إلى ورقة المئة دولار.

ويتحدث قبيسي لفرانس برس عن «عمليات بيع البضائع المتروكة في مزادات علنية وهمية وأرباح جانبية تُجنى منها». وتباع في المزاد العلني بضائع تركها أصحابها في المرفأ لأسباب مختلفة قد يكون بينها عدم قدرتهم على دفع رسومها.

مرفأ بيروت

-
تأسس مرفأ بيروت عام 1894

- كانت تديره شركة فرنسية، ثم شركة خاصة اعتبارا من 1960.

- في بداية التسعينيات، ومع انتهاء امتياز الشركة، عُينت لجنة رسمية مؤقتة لإدارته ولا تزال قائمة حتى اليوم

- اختيار أعضاء اللجنة بحسب انتمائهم الطائفي

- يقول شمس الدين «نظام المحاصصة ذاته في الدولة ينطبق على المرفأ».