مثل لقمة غصت في الحلق، وكادت تسبب الاختناق لصاحبها، هكذا تحولت السفينة «إيفر غيفن» التي تعد واحدة من أكبر سفن الحاويات في العالم بطول 400 متر وحمولة 224 ألف طن، إلى ما يشبه لقمة غصت بها قناة السويس وعطلت الملاحة فيها باتجاه واحد بضعة أيام، وزادت الأمور سوءًا مع تداول صور كشفت حجم أزمة السير في البحر التي تسبب فيها جنوح السفينة الثلاثاء قبل الماضي بفعل تأثير الرياح على مسارها، حيث كانت قادمة من الصين ومتجهة إلى روتردام، عابرة من الناحية الجنوبية للقناة.

وقطعت السفينة الطريق على نحو 50 باخرة على الأقل، كانت موجودة أصلًا داخل القناة أو على مشارفها، متسببة بتعطيل جداول رحلاتها، كما أظهرت أن نحو 100 سفينة أخرى كانت موجودة في منطقة خليج السويس، جنوب القناة، قبل أن يتوسع الأمر ويقود إلى رسو أكثر من 321 سفيتة على طرفي القناة.

وازدحم البحر الأحمر بالسفن بشكل غير مسبوق، حيث ذهب البعض إلى التهكم في تغريدات، قال أحدهم فيها «لأول مرة أرى سرا (طابور) في البحر».


وتم تحرير السفينة الجانحة الإثنين الماضي بعد محاولات طويلة، حيث دفعتها نحو 10 قاطرات عملت في 4 اتجاهات لتعود إلى مسارها الطبيعي حيث خضعت لجملة من الاختبارات بعد جنوحها المأساوي.

وتعد قناة السويس التي افتتحت في 1869، ممر عبور لنحو 10 % من حركة التجارة البحرية الدولية، وقد عبرتها في العام الماضي 19 ألف سفينة، وحققت إيرادات بلغ 5.6 مليارات دولار العام الماضي.

توقف ملاحي

لم يكن تعطل حركة السفن في قناة السويس هو الحدث الأول من نوعه في العالم، بل بات حدثًا متكررًا دائمًا، خصوصًا في الممرات المائية المهمة في خارطة التجارة العالمية، والتي تشكل ما يمكن تسميته «شرايين» مهمة لهذه التجارة.

وقبيل حادثة السويس وقعت حوادث بعضها له علاقة بجنوح السفن، وبعضها يعود لأسباب طبيعية أو وبائية.

ولعل ما حدث في قناة السويس كشف أهمية هذا القناة فقد رفع حادثها أسعار النفط نحو 3 %.

وتسيطر الممرات المائية على 61 % من إنتاج العالم من البترول والسوائل النفطية الأخرى (58.9 مليون برميل في اليوم)، حسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

توقفات في حركة الممرات

شهدت الممرات المائية وحتى البحار حوادث كثيرة لم تكن السفن فقط بطلة أحداثها، بل تعاضدت عوامل عدة لتسببها.

ففي 6 أبريل 2017، تسببت كثافة الضباب في اسطنبول التركية، في توقف حركة الملاحة البحرية، بمضيق البوسفور لفترة مؤقتة، لتدني مدى الرؤية الأفقية.

وفي 17 أغسطس 2016، توقفت الحركة في المضيق نفسه بعد تصادم سفينة بضائع عملاقة وزورق من خفر السواحل.

وفي 28 أكتوبر 2013، أغلقت تركيا المضيق أمام الملاحة، بعد أن ألقت سفينة مرساها عندما جرفتها التيارات القوية.

وبعيدًا عن البوسفور، وفي مضيق جبل طارق، وفي 29 يناير 2018، توقفت حركة الملاحة البحرية جراء سوء الأحوال الجوية، وهو الأمر الذي سبق وحدث في 7 أبريل 2015، وقبلها في 11 ديسمبر 2010 لذات السبب.

وفي مضيق باب المندب، وفي 27 يوليو 2018، أوقفت السعودية صادرات النفط عبر مضيق باب المندب، عقب استهداف ناقلات النفط في البحر الأحمر من قبل جماعة الحوثي المدعومة من إيران.

سقوط حاويات

في عام 2016، علقت سفينة «سي أس سي أل إنديان أوشن» في قاع نهر الإلبه بمدينة هامبورج الألمانية، ولم تتمكن زوارق القطر من تحريرها إلا بعد أيام عديدة. السفينة هذه كانت واحدة من أكبر سفن الحاويات على المستوى العالمي، ويمكنها نقل حوالى 20 ألف حاوية.

من جهتها، اصطدمت سفينة «أم أس سي تشتيرا» مع سفينة أخرى، ما جعلها تميل بشكلٍ خطير قبالة سواحل مومباي في 8 أغسطس 2010، وسقطت منها قرابة 300 حاوية شحن، لكنّ السفينة لم تغرق. غير أنّه بعد أشهر عديدة، تمّ إغراقها في المياه الدولية مع حمولتها الخطيرة.

بدورها، اصطدمت سفينة الشحن «رينا» بشعب مرجانية قبالة سواحل نيوزيلندا خلال أكتوبر 2011. وانقسمت إلى قسمين انفصلا عن بعضهما بعضا، ولم يتبق منها سوى مقدمتها بعدما غرقت أجزاؤها الباقية بما كانت تحمله من حاويات.

وفي عام 2007، فقدت سفينة الشحن «نابولي» جزءًا من شحنتها بعد جنوحها قبالة سواحل جنوب انجلترا، ما حوّل شاطئ سيدموث إلى مكب للنفايات.

في عام 1999، اصطدمت سفينة سياحية مع إحدى سفن نقل الحاويات في القنال الإنجليزي، حيث اخترقت بعض الحاويات الفولاذية مقدمة السفينة.

أدى هذا الحادث إلى اندلاع حريق على متن السفينة وإصابة 24 شخصًا بجروح طفيفة.

حوادث أخرى

في عام 2007، فقدت سفينة «اكسلسيور» 31 حاوية في مناورة فاشلة بالقرب من مدينة كولونيا الألمانية، ما أدى إلى انتشار الحاويات على مسافة عدة كيلومترات في نهر الراين.

وفي 2014، وجد السكان على شاطئ نورديرني الألماني حاويات جرفتها المياه، تحتوي على أحذية رياضية جديدة، يبدو أنها سقطت من إحدى السفن في بحر الشمال.

تصادم

في 2017، وعلى الرغم من اتساع المحيط، والتكنولوجيا الملاحية المتطورة، اصطدمت في منتصف ليل أغسطس، وقبالة السواحل الماليزية، سفينة ضخمة محملة بنحو 12 ألف طن من النفط بالجانب الأيسر من المدمرة البحرية الأمريكية «جون إس ماكين».

قبلها بشهرين اصطدمت المدمرة الأمريكية يو إس إس فيتزجيرالد بسفينة شحن ضخمة قبالة سواحل اليابان.

رحلات سياحية حملت الموت

لم تكن السفن التجارية وناقلات النفط والفرقاطات فقط هي بطلة الحوادث البحرية الكارثية، بل تبعتها وعاصرتها كذلك رحلات سياحية لسفن عملاقة كانت مضرب المثل، لكن حوادثها حملت المآسي، لعل أشهرها «تيتانيك» التي خلدها فيلم حمل الاسم نفسه وفاز بعدة جوائز أوسكار.

وشهدت «تيتانيك» غرق أكثر من 1500 شخص من جملة 2200 عام 1912 عندما اصطدمت السفينة بجبل جليدي في عرض المحيط، وفي ذلك الوقت كانت السفينة أكبر ناقلة ركاب بحرية في الخدمة واحتاجت نحو ساعتين كاملتين حتى غطست في مياه المحيط الأطلسي.

بدورها، انقلبت «إس.إس إيستلاند» في يوليو 1915 خلال رسوها على نهر في شيكاغو مما أسفر عن مقتل 840 من ركابها البالغ عددهم أكثر من 2500.

وتعرضت السفينة «كوستا كونكورديا» لشعب مرجانية قبالة سواحل توسكاني فقتل 32 شخصًا وأصيب 64 آخرين من أصل 4200 شخص كانوا على متنها.

أبرز الممرات المائية

مضيق هرمز

أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن

يعبره خمس إنتاج العالم من النفط

تمر به ما بين 20 و30 ناقلة نفط يوميا، بمعدل ناقلة كل 6 دقائق في ساعات الذروة.

تعبره 22 % من السلع الأساسية في العالم

مضيق مالاقا

يقع بين جزيرة سومطرة في إندونيسيا، وشبه جزيرة ماليزيا، وسنغافورة.

يربط المحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ.

أقصر طريق بحري بين الشرق الأوسط والأسواق الآسيوية المتنامية (الصين واليابان وكوريا الجنوبية).

ثاني أكثر نقاط الاختناق البحرية ازدحامًا في العالم.

85 وحتى 90 % من النفط الخام في العالم يمر عبره.

يعد ممرًا بحريًّا مهمًا لنقل الغاز من الخليج والموردين الأفارقة، إلى شرق آسيا

مضيق باب المندب

يحتل موقعا إستراتيجيا بين الشرق الأوسط والقرن الإفريقي

يربط البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب

يصل بين البحر المتوسط والمحيط الهندي.

يصل عرضه لحوالي 18 ميلًا في أضيق نقاطه.

يعبره حوالي 3.8 ملايين برميل نفط يوميًّا نحو أوروبا وآسيا والولايات المتحدة.

يعبره أكثر من 50 مليون طن من المنتجات الزراعية.

البوسفور والدردنيل

مضيقان تركيان يربطان بين آسيا وأوروبا

يمر منهما نحو 2.4 مليون برميل من النفط الخام والمنتجات البترولية يوميا.

من طرق تصدير النفط الأساسية من روسيا ومنطقة بحر قزوين إلى غرب أوروبا وجنوبها.

يبلغ طول مضيق البوسفور 17 ميلًا.

يربط بين البحر الأسود في الشمال وبحر مرمرة التركي.

مضيق الدردنيل يبلغ طوله 40 ميلًا.

يصل بحر مرمرة ببحر إيجة والبحر المتوسط.

قناة بنما

تقع في أمريكا الوسطى.

تربط بين المحيط الهادئ والبحر الكاريبي والمحيط الأطلسي.

طولها حوالي 50 ميلًا، ويضيق عرضها عند أضيق نقاطها إلى حوالي 110 أقدام فقط.

تعبرها سفن ذات أبعاد محددة لا يزيد وزنها عن 80 ألف طن، ولا يزيد عرضها عن 108 أقدام.

تعبرها 13 ألف سفينة سنويا، تحمل 204 ملايين طن من البضائع.

مضيق جبل طارق

يفصل بين جنوب إسبانيا وشمال غرب أفريقيا.

يربط بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي.

يمثل أهمية كبيرة للدول الأوروبية التي لا تملك موانئ على المتوسط.

يشهد حركة ملاحية كثيفة.

تعبره يوميًّا نحو 150 سفينة.

تعبره نحو 5 % من تجارة البترول العالمية.

تشكل ناقلات البترول ثلث السفن التي تعبر المضيق.