عُرف- حسب ويكبيديا - بأنه أحد أشهر فلاسفة الغرب، الذين أنصفوا الأمة العربية والحضارة الإسلامية، فلم يَسِر على نهج مؤرخي أوروبا، الذين صار من تقاليدهم إنكار فضل الإسلام على العالم الغربي، لكن لوبون الذي ارتحل في العالم الإسلامي، وله فيه مباحث اجتماعية، أقرَّ بأن المسلمين هم مَن مدَّنوا أوروبا، فرأى أن يبعث عصر العرب الذهبي من مرقده، وأن يُبديه للعالم في صورته الحقيقية، فألف عام 1884 كتاب «حضارة العرب» جامعا لعناصر الحضارة العربية، وتأثيرها في العالم، وبحث في أسباب عظمتها وانحطاطها، وقدمها للعالم تقديم المدين الذي يدين بالفضل للدائن.
اتساع مضامين
في كتابه «سيكولوجية الأزمنة الجديدة» الصادر عن دار الرافدين، يقرأ - وفقا للمترجم «باسل وديع الزين» - التحولات التي نشأت في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى، على المستويات كافة. أضف إلى ذلك اتساع مضامينه، لتشمل المساءلة النقدية، والتحليل السيكولوجي، والرصد التاريخي، والتفكر الفلسفي.عصارة الكتاب تتمحور حول ثلاث مسائل مركزية، ونعني تحديدا - بحسب المترجم أيضا -: النظر إلى التحول في بنية المعارك، وتفكيك المنظومة الاشتراكية، مع كل ما تطلبه هذا الأمر من التطرق إلى المبادئ، التي قامت عليها الشيوعية، وقراءة مشروع عصبة الأمم قراءة نقدية وافية.
ويرى لوبون أن المعارك بصيغتها العسكرية التقليدية، لم تعد ذات فائدة لاعتبارات كثيرة أبرزها: التطور الملحوظ الذي شهده سلاح الطيران، لدى الدول الكبرى جميعها، وهذا إن دل فهو يدل على تعاظم قدرتها التدميرية، وذلك بالقدر نفسه الذي يضمن قواعد الاشتباك، وتوزان الرعب، ويحول دون نشوب حرب عسكرية في المدى القريب.
نزاعات الشعوب
يتكون الكتاب من 7 أبواب، تضم فصولا تتناول «تطور الشعوب الذهني الفصل الأول: دور السيكولوجيا في تاريخ الشعوب الفصل الثاني: القوى الأخلاقية في حياة الشعوب الفصل الخامس: مسألة التكيف الفصل الثاني: الأسس الفلسفية للجرمانوية.الفصل الثالث: اضطرابات عقلية وأخلاقية تسببت بها الحرب. الفصل الرابع: أسباب سيكولوجية تتعلق بالدونية الصناعية لبعض الشعوب» و«صراعات المبادئ في الحروب الحديثة، بفصول عن «تأثير الأفكار في نزاعات الشعوب، أهداف حرب حققتها شعوب مختلفة، وأهداف سعوا إليها، كيف تبددت الأوهام الألمانية المتعلقة بفوائد الغزوات العسكرية؟، مفاهيم الحق المختلفة، ومطلب حكومة دولية»»، و«دور العوامل السيكولوجية في المعارك، و الإعصار الثوري الجديد... وصولا إلى فصول تتحدث عن:
الاضطرابات السياسية في أوروبا، الأخطاء السيكولوجية في معاهدة السلام، ومشروع عصبة الأمم ونتائجه الأولى، والعناصر الحالية لأمن الشعوب في الخارج وفي الداخل».
التضحية بالكفاءات
في مقاربته الأخطاء السيكولوجية للمجتمعات، ومنها وهم الاعتقاد بالمبادئ الاشتراكية، حرص لوبون على رصد المبادئ، التي قام عليها المذهب الاشتراكي بعامة، والمذهب الشيوعي بخاصة، بعبارة أوضح، كشف عن مواطن الخلل في بنية النظام الاشتراكي، لجهة التضحية بالمبادرات الفردية، وربط كل سبل الإنتاج بالدولة، كما توقف مطولًا عند الأوهام الشيوعية، على حد تعبيره، المتمثلة بديكتاتورية البروليتاريا على وجه التحديد، لقد أفضت الأفكار الجديدة هذه، برأيه، إلى التضحية بالإبداع الفردي، وتنميط القدرات الإبداعية وتدجينها، لصالح جهة بعينها، علاوة على ذلك، أفضت المبادئ الشيوعية إلى جملة نتائج عملية أبعد ما تكون عن التنظير المثالي، والوعود الوهمية، والخلاص المنشود، من بين تلك النتائج، تبرز التضحية بالكفاءات، وأصحاب المؤهلات العليا، والمفكرين، والمثقفين، من أجل مجموعة من الأشخاص لا يملكون الكفاءات اللازمة لتولي هذا المنصب أو ذاك، ناهيك عن غياب الحماسة، والمبادرة الفردية، والإبداع الذاتي، وهي جميعها أمور قلصت من فعالية العمل، وحدت من سبل تطويره، وحالت دون تقدمه.موقف قيمي
أحكام لوبون في هذا الكتاب هي أحكام قيمية، لكن هذا لا يعني أنه ينحاز إلى الرأسمالية على حساب الاشتراكية، فجل ما في الأمر أنه سعى إلى فضح ادعاءات الخلاص، التي انطوت عليها المبادئ المفرطة، متطرقا لفكرة تكوين مجتمع أمم، يضطلع بمهمة حفظ السلام العالمي، ويرى أنها، على أهميتها، فكرة مغرقة في المثالية، تحتاج زمنا طويلا كي ترسى أسسها، وتتضح معالمها، وتنجلي سماتها، لكن إذا كان مجتمع الأمم مشروعا قيد البحث والتداول، فإن عصبة الأمم التي تمخضت عن مؤتمر السلام، باتت أمرا واقعا، فما هو موقف لوبون منها؟بذور الشقاق
أفرد لوبون فصلا مستقلا ناقش فيه أسسها، ومندرجاتها، وغاياتها، وخلص إلى أن العصبة هذه لا تعدو كونها تحالفا من نوع آخر، بين القوى نفسها التي انتصرت في الحرب، لذا لم يتردد في الإشارة إلى عصبة أخرى قيد الإنشاء، سوف تتعهدها ألمانيا بالرعاية، عصبة تعيد الانقسامات القديمة، وتكرس الخلافات القائمة، لذا لم يغال لوبون عندما اعتبر أن الإنجاز الوحيد، الذي نجحت عصبة الأمم في تحقيقه، هو زرع بذور الشقاق، وإعداد العدة لحروب مستقبلية مرتقبة.جوستاف لوبون
طبيب ومؤرخ فرنسيمن أشهر المؤرخين الأجانب، الذين اهتموا بدراسة الحضارات الشرقية والعربية والإسلامية.
ولد في مقاطعة نوجيه لوروترو، بفرنسا عام 1841.
درس الطب، وقام بجولة في أوروبا وآسيا وشمال إفريقيا.
اهتم بالطب النفسي وأنتج فيه مجموعة من الأبحاث المؤثرة عن سلوك الجماعة، والثقافة الشعبية، ووسائل التأثير في الجموع.
أبحاثه مرجع أساسيّ في علم النفس، لدى الباحثين في النصف الأول من القرن العشرين.
أسهم في الجدل الدائر حول المادة والطاقة.
كتابه «تطور المواد» حظي بشعبية كبيرة في فرنسا.
حقق نجاحًا كبيرًا مع كتابه «سيكولوجية الجماهير»، ما منحه سمعة جيدة في الأوساط العلمية.
صالونه من أشهر الصالونات الثقافية الأسبوعية بفرنسا.
عُرف بأنه أحد أشهر فلاسفة الغرب، الذين أنصفوا الأمة العربية والحضارة الإسلامية.
ارتحل في العالم الإسلامي وله فيه مباحث اجتماعية.
أقرَّ بأن المسلمين هم مَن مدَّنوا أوروبا
ألف عام 1884 كتاب «حضارة العرب» جامعًا لعناصر الحضارة العربية وتأثيرها في العالم.
توفي في ولاية مارنيه لاكوكيه، بفرنسا 1931.