ساهمت الخطوط الحديدية (القطارات) في نهضة أغلب دول العالم وسهولة تنقلات الناس والبضائع والمنتجات الزراعية وغيرها بأسعار مقبولة.

وما زالت رحلات القطارات بمثابة الدليل التعريفي المجاني للمدن وصروحها التنموية والقرى والهجر بتنوعها البيئي والتراثي، حيث يستطيع الركاب مشاهدة ملامح الحياة الطبيعية في تلك الأماكن. وتُصنف القطارات اليوم بأنها من أهم العوامل الرئيسة في تعزيز ودعم القطاع السياحي والتخفيف من النزوح إلى المدن وتقليل حوادث السيارات وزيادة النشاطات الزراعية والصناعات الحرفية الريفية وعدم الإضرار بالبيئة خاصة إذا كانت القطارات كهربائية.

ومنطقة عسير بما حباها الله من أماكن سياحية في غاية الروعة والجمال وقرى تراثية تمتاز بتنوعها وطبيعتها النقية ونشاط زراعي له مستقبل واعد بإذن الله وارتفاع ملحوظ في أعداد القادمين، فإن فكرة تنفيذ مشروعين للسكك الحديد في وقتنا الحاضر حلم وأمل أهالي المنطقة لأنهما سيربطان عسير في مرحلتهما الأولى بالعاصمة الحبيبة الرياض من جهة أبها ومحافظة خميس مشيط ومنطقة مكة المكرمة عن طريق محافظة الدرب بمنطقة جازان ومحافظة محايل عسير.


وفي المرحلة الثانية ترتبط محافظات المنطقة ببعضها. فقط علينا أن نتخيل كم سيخدم تنمويًا هذا المشروع الحيوي للقطار مئات المدن الكبيرة والقرى والهجر الواقعة على امتداد مساره في أربع مناطق هي الرياض وعسير ومكة المكرمة وجازان.

وأتذكر أنني طرحت سؤالًا مكتوبًا على وزير المواصلات (النقل حاليًا) حين حضر ندوة اقتصادية قبل خمسة وعشرين عامًا بمقر غرفة أبها التجار ية الصناعية وتمحور سؤالي حول فكرة تنفيذ مشروع للسكك الحديد في عسير، لكن لم يأت الجواب بسبب ضيق الوقت وتنوع موضوعات الندوة آنذاك. وعندما أعود اليوم للكتابة عن هذا الموضوع أعلم تمامًا أنني لست أول أو آخر من كتب عن القطار في عسير.

ولا أرى أن الطبيعة الجغرافية للمنطقة تمنع تنفيذه نظرًا للتطور التكنولوجي والعلمي الذي طرأ في العقدين الأخيرين على صناعة القطارات وكيف نجحت في نقل الزوار في أوروبا وآسيا عبر أماكن مشهورة بصعوبة مسالكها.

ويتطلع الكثير من أبناء المنطقة إلى النتائج الإيجابية من إقامة هذا المشروع وفي مقدمتها تدفق السياح والزوار طوال أيام العام، إضافة إلى الجدوى الاقتصادية الكبيرة ومراعاة الكثافة السكانية والمساحات الشاسعة والحجم الضخم من البضائع والسلع الواردة والصادرة إلى عسير سراة وتهامة. إن الحلم طموح ورغبة، بينما الأمل شعور بالتوقع في حدوث الشيء، وكلاهما في دائرة اهتمام المسؤولين في بلادنا لذلك جاء عنوان مقالي اليوم (السكك الحديدية في عسير حلمُ وأمل).