للحمار في الولايات المتحدة الأمريكية أهمية كبرى فهو يمثل الشعار السياسي للديمقراطيين ويرونه رمزا للثورة والتمرد، وبدأت قصة الحمار الديمقراطي في العام 1828 عندما اختار المرشح الديمقراطي اندروا جاكسون شعار (لنترك الشعب يحكم) واختار حمارا رمادي اللون وألصق على ظهره شعار حملته الانتخابية، وفي عام 1870 أصبح الحمار رمزا سياسيا معروفا بعد أن قام رسام الكاريكاتير توماس تاست برسم حمار أسود اللون كرمز للحزب الديمقراطي يتبارز مع فيل جمهوري مذعور ومن ذلك الحين أصبح الديمقراطيون يفخرون بحمارهم. أما الفيل الجمهوري فقد بدأت حكايته في عام 1860 عندما كانت الولايات المتحدة منقسمة إلى جنوب وشمال ومنشغلة بقضية تحرير العبيد، فكان ظهور أبراهام لنكولن الذي دخل الانتخابات أملا في توحيد البلاد وظهر شعار الفيل في حملة مساعدة للنكولن الذي فاز بالانتخابات وأصبح رئيسا للولايات المتحدة ومن ثم تم اغتياله لاحقا من قبل المتعصب جون ويلكس.

وظلت المعركة السياسية بين أنصار الفيل والحمار بين نصر وهزيمة. وعبر السنوات الماضية كان هناك تفاوت بين قوة الحزبين من حيث سيطرتهم على مجلسي الشيوخ والنواب.

إلا أن الملاحظ خلال هذه الفترة هو الضعف والترهل الذي أصاب الحمار والفيل الأمريكي معا. فمع اقتراب انتخابات التجديد النصفية في شهر نوفمبر المقبل نجد أن أداء الحزب الديمقراطي ضعيف جدا رغم سيطرتهم على عدد كبير من مقاعد مجلس النواب ومجلس الشيوخ. فمع استمرار عدم القدرة على كبح تفشي كورونا ووصول التضخم لأعلى مستوياته وارتفاع تكاليف الغذاء والسكن والطاقة وتزايد معدلات الجريمة في المدن وارتفاع معدل الهجرة غير الشرعية عبر المكسيك، كل هذه الأمور كانت وما زالت تقوض إدارة الرئيس بايدن وحزبه الديمقراطي. بل وتضاف لها الحالة الصحية للرئيس بايدن والتي تجعل من الصعوبة أن يترشح لفترة رئاسية ثانية مع الأخذ بالاعتبار الظهور السياسي الضعيف لنائبته كمالا هاريس.


ويظل الحزب يراهن أن حمارهم الديمقراطي يستطيع التغلب على هذه التحديات ومواجهتها لا سيما وأنهم حققوا نجاحا ملحوظا في السياسة الخارجية من خلال الدعم للجيش الأوكراني في الحرب ضد روسيا. وفي المقابل فإن حزب الفيل الجمهوري منقسمون حول رئيسهم دونالد ترمب وكان هذا واضحا في دعوة بعض أعضاء الحزب إلى استبدال ترمب بمرشح أصغر سنا وأكثر حكمة، إضافة إلى التركيز من قبل الديمقراطيين على عيوب ترمب الرئاسية في حملة التمرد ضد مبنى الكابيتول في واشنطن العاصمة، وأنه بسبب هذا التصرف أصبح الفيل الجمهوري عنيدا وطائشا وغير قادر على الحكم فعليا. وحاليا ظهرت إشكالية قانون الإجهاض والذي ما زال مسألة خلافية بين الحزبين فمنذ عام 1973 كان قانون رو ضد وايد والذي يدعمه الديمقراطيون ويحمي حق المرأة في اختيار إنهاء الحمل.

إلا أنه خلال الأيام الماضية تم تسريب مسودة لقرار من المحكمة العليا قد يلغي هذا القرار، ويعطي إلغاء هذا القرار فرصة للجمهوريين للعمل على قرارات جديدة قد تلغي الكثير من القوانين التي يتفاخر بها الحمار الديمقراطي وأبرزها قضية زواج المثليين.