من أبسط الأمور إلى الأمور الكبرى، والناس تشكي من غلاء أسعار تذاكر الطيران، لدرجة أن البعض أصبح يصل إلى وجهته المحلية من خلال الحجز من الدول المجاورة لأنها أوفر !
وأيضا الكثيرون يشكون من غلاء السيارات غير المبرر، وأن هناك ارتفاعا هائلا في أسعار السيارات وأن هناك ما يشبه التجفيف لرفع أسعار السيارات بشكل غير طبيعي.
الأراضي والسكن والعقار، ارتفاعات كبرى في أسعار السكن لدرجة جعلت الحصول على سكن صعبا ويأخذ نصيبا كبيرا من دخل الأسر.
عندما نسمع شكاوى من الناس فيما يخص أمرا معينًا وخصوصًا ارتفاعات الأسعار والبضائع فإننا عادة ما نبحث عن حالة مقاربة للمقارنة أو البحث عن benchmark وذلك للمقارنة، وهل هذه الشكاوى مبررة أو لا؟! وعادة ما ننظر للسوق الدولي والسوق الخليجي، فالسوق الدولي يعطيك إذا ارتفعت السلعة بشدة عالميا والسوق الخليجي مقارب لمجتمعنا وأيضا القوة الشرائية للأفراد والتكلفة على التجار تكون إلى حد ما مقاربة.
نستطيع أن نرى بوضوح أن هناك فروقات كبيرة في الأسعار بين سوقنا المحلي والسوق الدولي وحتى السوق الخليجي! وأعذار بعض التجار المحليين غير مقنعة وبعضها حشو كلام أو حتى أعذار مفتعلة.
أين تدخل المسؤولين في هذه المعاناة والمعمعة؟، البعض يعتقد أنه إذا استطاع تأمين السلعة للمواطن بضغطة زر وتكنولوجيا أنه أدى واجبه، بينما ما الفائدة إذا كان بإمكان إيجاد السلعة بضغطة زر بينما أسعارها فلكية كأنها كافيار !
بالعكس السعر في كثير من الأحيان أهم للمواطن من لو يبذل بعض الجهد، بعض المسؤولين يعتمد على قسم العلاقات العامة لبهرجة إنجازات، لكن أقولها بكل صراحة في الأخير ما يصح إلا الصحيح، قد يمكن إحضار مشاهير التواصل الاجتماعي ومدح بعض الإدارات الحكومية كأنه شاعر مستأجر، لكن لن يدوم الحال إذا لم يوجد عمل وإنجازات على الأرض !
بعض مشاهير التواصل الاجتماعي لو تريده يمدح لك مشروعا وضع wi fi في قبور الأموات لمدحه لك وطلع مئة سبب لأهمية المشروع ما دام تدفع له!
الرؤية أنشئت وصممت ووضعت من أجل راحة المواطن ومنفعته فهو المستفيد الأول والأخير منها، وهذا ما يسعى له قائدها ومهندسها الأمير محمد بن سلمان.
فإذا كان بعض المسؤولين بدأ يركز بالأرقام والتفاصيل وتناسى حاجة المواطن ورفاهيته فإنه قد انحرف عن مسار وجوهر الرؤية.
البعض يأتي بأعذار واهية من قبيل حرية الأسواق إلخ..، يا عزيزي حرية السوق مضمونة للجميع ما دامت لا تؤثر على رفاه ومصالح المواطن، وحتى أكبر الدول تتدخل بالأسواق عندما ترى أن مصالح المواطن تأثرت من طمع وشجع بعض التجار !
في زيارتي في العيد للبلد استمتعت كثيرا بالتغيير والتقدم الذي يحدث للبلد في كل المجالات، لكن كانت هناك شكوى من الطبقة الوسطى من الغلاء غير المبرر، وهي أهم طبقة في أي مجتمع، فالطبقة الوسطى هي من ترفع وتدفع الصرف الاجتماعي للطبقة الأدنى، وهي أيضا من تدفع وتدخر في البنوك مما يمكن البنوك من إعطاء القروض للطبقة الغنية والتجار لتمويل مشاريعهم، ولها أهمية كبرى في الاقتصاد فهي المحرك الأكثر فعالية للاقتصاد من خلال صرفها، خصوصا الترفيه والتسوق وتحريك التجارة، وهذا ما يخلق الوظائف ويقلل البطالة، الآن بعض الطبقة الوسطى يعاني من هذا الغلاء مما يقلل القدرة الشرائية التي تحرك الاقتصاد، أعيد وأكرر (احموا احموا احموا الطبقة الوسطى) من جشع التجار فبعض هؤلاء التجار طمعه يعميه عن رؤية أنه يخرب الاقتصاد، ولهذا التخريب آثار كارثية إذا استمر، لذلك تدخل المسؤولين مهم جدا في هذا الوقت.
حتى لا يقال إننا نطرح مشاكل دون حلول، الموضوع سهل إذا سهلناه وإذا لجمنا طمع بعض التجار.
التذاكر افتحوا المجال للتنافس ودعوا شركات الطيران المحلي تنافس في الأسعار مع الشركات الاقتصادية الدولية أو احجبوا بعض الميزات عن بعض شركات الطيران المحلية غير المتعاونة حتى يكونوا منطقيين.
والسيارات سهلوا، افتحوا الاستيراد للمواطنين من الخارج ومن الخليج، وسهلوه أو افتحوا منطقة حرة لتجارة السيارات، اجعلوا الوكيل المحتكر والمعارض المحتكرة تعاني وترجع لدائرة الصواب والربح المعقول.
والأراضي والعقار، المملكة قارة -ما شاء الله- لذلك يسهل التمدد الطولي، أما المساهمات المتعثرة أو الموقفة لو يتم إعطاء هامش ربح معين على السعر الأصلي لشراء الملاك وبقية الزيادة التي حدثت في سعر الأرض أثناء الإيقاف تذهب للحكومة، خصوصا أن أسعار بعض الأراضي شهدت ارتفاعات كبرى وهذه المليارات تذهب للإسكان لتطوير وضخ أراضٍ جديدة، أو وضع آلية تبادل أراضٍ للمساهمات العقارية وإعطائهم أراضي بديلة للتطوير بزمن محدد، وبعد النظر في صحة تملكهم للأراضي الموقفة يعمل مقاصاة إيجابية أو سلبية مع الأراضي الجديدة المعطاة.
حماية الطبقة الوسطى مهمة حيوية وأمن وطني وهدف نبيل يجب أن يسعى إليه كل مسؤول.