تزدحم غرف المستشفیات بالمرضى «المغيبين» لسنين، منهم من يرقد لسنين طوال في غيبوبة، ومنهم من توالت عليه الأمراض کسیل واد انحدر من جبل، وقسم الصحة النفسية يتصارع يوميا مع حالات خطرة جدا، تسوء حالتها يوما تلو الآخر..
المريض هو الوحيد الذي يعيش ألمه بكامـل تفاصيله، وقد يطال ألمه أحبابه، حتى يرغب في إنهاء هذا كله بأن ينهي حياته، لقصور الطب عن علاج ما يضنيه، و من وجهة نظري كما يملك الحق في اختياراته بالعيش فعلا، هو أيضا يملك الحق في إنهاء هذا الألم إذا لم يجد له حلا؟.
هل يمكنه طلب «القتل الرحيم الطوعي» الذي يكون بإرادته، كما فعل ديفيد قودال البالغ من العمر 104 أعوام، وقرر إنهاء حياته بشرب خليط طبي، قال سيجعله يفارق الحياة بسهولة دون ألم وكأنه ينعس حتى أن ينام؟.
وحقيقة حتى أن يموت، أو في حالة أخرى دراسة حالة «المغيب» مع أهله وفريق طبي متخصص في حالته، ليتم اتخاذ قرار سحب أجهزة الإنعاش، إذا لم تكن هناك بوادر لتحسن الحالة، وهنا يسمی «القتل الرحيم غير الطوعي».
هناك سؤال أهم: ما ذنب الطفل الذي يعاني من تشوه خلقي أو عقلي وهو في بطن أمه، بأن يقبل على الحياة بألم مؤكد؟ هم أضعف من تحمل العلاجات وصراع الألم، لا يستطيعون العيش بهذه الأمراض في هذا العمر الحساس جدا، هل القتل الرحيم هنا ممكن؟
هل من حق أي متألم أو مجهول المصير الاختيار في كيفية إنهاء ما يعاني منه، ما دام ينعم بحالة عقلية سليمة، ولم يجد حلا آخر لآلامه؟، ولم أخصص الجسدية فقط، لأن النفسية أشد وأمر.. فلا طب يشفي ولا صحة تسدي.
ما تقرؤه ليست أسئلة وحشية، إنما هذا ما يدور في عقل كل مكتئب، يعيش في مجتمع لا يحرم مبدأ الصحة النفسية، ويعيب من يطلبها، ويقلل من قيمة من ينادي بها.
الاكتئاب جرس إنذار لقدوم الموت، أنقذوهم قبل أن يعذبوكم.