قبل أيام، أطل وزير الشؤون الإسلامية الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، في لقاء ببرنامج الراصد على قناة الإخبارية، مع تتابع التكريم، والثناء عليه من عدة هيئات رسمية في العالم، لأدائه المتميز في إظهار الصورة الحقيقية للإسلام، بنشر الاعتدال، ونبذ الكراهية والتعصّب، وقد كافح الوزير بشكل خاص في أداء هذه الرسالة حتى قبل توليه منصبه الحالي.

تحدّث بصورة صريحة عن غربته في سابق عهده، واكتوائه بنار الإخوان المسلمين الذين ذكر صراحة أنهم سموا بـ (الصحوة) تلطيفًا للعبارة. كان لقاؤه واضحًا بأن الوزارة ستمضي بشكل جاد في رسالتها، وأنّ الصعوبات القديمة التي واجهته قد ذُللتْ إلى درجة كبرى. أهم ما لفت النظر إليه أن المنابر لم تعد (منبر من لا منبر له)، بحيث لا يمكن أن يكون مجال الدعوة ارتجاليًا لأي كان، إنما يمضي بعمل مؤسساتي، وفق لوائح وتنظيم وتوجيهات.

معبّرًا عن سعادته بمستوى الوعي الذي عليه المواطن السعودي، حيث انكشف له فساد الإخوان ومخططاتهم، من تفريق بين الإخوة، وما أرادوه بهذه البلاد حرسها الله من شرّ، وأن المؤامرة التي كانت كبيرة، شملت إعلاميين، ومرتزقة من الكتاب، افتروا بترويج الشائعات، وأذاعوا أخبار السوء دون أي أساس لها، قد أجهضتْ، بحيث خفتت تلك الأصوات، وانتظم الحال، واستقر مسير الوزارة للدعوة بخط الاعتدال، دون قبول بأي نشاز بعيدا عما يحقق المطلوب من الوزارة.

تمثل وزارة الشؤون الإسلامية صورة لما يمكن للإرادة أن تفعله، فكما ذكر الوزير كانت الجماعات المتنوعة، كالإخوان والتبليغ، تعمل بطريقة مؤسساتية تزاحم أجهزة الدولة، ولكن ما ظنوا أنهم نالوه تبعثر تمامًا، إذ ألزموا بخط الاعتدال الذي تدعو إليه الوزارة، ومن خالف من الأئمة والخطباء جرى التعامل معه بطريقة حكيمة، كفًا للأذى عن الناس، فإما أن ينبه فيستجيب، أو ينذر خطيًا، مرورًا بالتسريح متى عاند وأصر على توجهه.

نشاط الوزير في عمله ملاحظ، من زيارته لمختلف الهيئات والمؤتمرات، ومتابعته للأحداث، وأداء الوزارة، وتفاعله مع الناس بلغة صريحة، وجادة في الحين نفسه، كما أن التفاته للوطن وتأكيده على أهمية اللحمة الوطنية، يعبّر عن وقود لحركة الوزارة بما فيه خير للإسلام والمسلمين، حتى أضحت الوزارة محل لفت الأنظار ليس في داخل السعودية فحسب، بل في خارجها، في صورة مشرقة عما تؤثر فيه هذه الوزارة في العالم من تعزيز العديد من القيّم، وما يمكن للنظرة الوسطية للإسلام أن تصنعه، بعامل المودة، واللطف، والحكمة، بدل التخويف، والارتجال.

ما كافحت لأجل الوصول إليه الوزارة لا شك أنه عمل طويل، وشاق، ولا بد أن رسالتها لتبقى ماضية أن تستمر على النهج، فالمملكة العربية السعودية التي فيها أقدس بقعة في العالم للمسلمين، وكلمة علمائها لها أثر بالغ في نفوس المسلمين في داخل المملكة وخارجها، وقد أعلنت بصورة واضحة أنها نقيض لخط الجماعات المتطرفة، وعلى رأسهم الإخوان، وهو ما يفرض مساندة الوزارة في موقفها المشرّف والصريح من جميع المواطنين، والمسلمين في العالم، حيث إنها أرادت بهم الخير، بكف شر هذه الجماعات عن بلدانهم، وأبنائهم، وألا يصيبهم ما أصاب غيرهم من قبل.

جعل مجال الدعوة، والوعظ، والفتيا ضمن إطار عمل مؤسساتي يأتي في إطار الرؤية التحديثية للمملكة، وفق خط التقدّم الذي تسير به، لم يعد مقبولًا أن يضحي مجال الوعظ، مكانًا للتطرف، أو الاعتداء على خصوصية أحد، أو التشهير به، وقد نبه الوزير أن الوزارة صدرها رحب أمام أي نقد، بالتوجه لها، وأنها لن تتوانى عن تصحيح خطأ، والاعتراف بوجوده متى وجد، بصورة سلسة ملؤها الحرص على التفاعل بين الوزارة والمواطنين.

ما تقوم به الوزارة، وما يسمعه الناس من ثناء على أدائها، وانضباطها، وعملها بصورة لوائح مفهومة، وفق إستراتيجية واضحة بتعزيز اللحمة الوطنية، ورفض الأفكار المنحرفة، والتعبير عن رسالة الإسلام الوسطية، لا شك أنه يسوء الإخوان ومن وافقهم، ولذا يكرر الوزير مرارًا حديثه عن خطورة الاغتيال المعنوي الذي تسعى له أجندة الجماعات المتطرفة، ويؤكد على ضرورة التحقق، والتواصل مع الوزارة، لتفنيد أي إشاعة قد يذكرها من يضيق عليهم الخناق، من المتطرفين. لا يسعنا إلا أن ندعو بالتوفيق التام، للوزارة ووزيرها في رسالتها السامية.