الجمعة قبل الماضي، وفي طريق العودة إلى المملكة، وجدت على مقعدي ومقاعد الركاب في الطائرة، إعلانا جميلا، في صفحته الأولى تعريف عن (الأولمبياد الخاص السعودي)، وأن فريقا يتكون من 50 لاعبا ولاعبة، مثلوا بلادنا في منافسات (دورة الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص)، التي نظمتها بنجاح بالغ، دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، وحقق أبطالنا فيها 40 ميدالية مرموقة، وفي الصفحة الثانية من الإعلان دعوة للتعرف بالأبطال الموجودين على متن الطائرة، وسؤالهم عن تجاربهم، وأخذ صور تذكارية معهم، وهكذا فعلت، وسعدت جدا وأنا أتعرف عن قرب على كل مشارك ومشاركة، ومدربيهم، وأولياء أمورهم، وسعدت جدا بالروح الجميلة التي كانوا عليها، وتمنيت لو كانت الرحلة أطول في زمنها عما كانت عليه.

في الطائرة تعلمت من الأبطال معارف كثيرة، ولأول مرة، وبعض ما تفضلوا به عليّ، رغبني في تنميته، والكتابة عنه، خاصة بعد أن تيقنت أن عددا لا بأس به ممن حولي، يحتاج إلى أن يطور نفسه بهذه المعلومات، ابتداء من القصة الجميلة لنشأة هذه البطولة، على يد لاعبة ألعاب القوى، شقيقة الرئيس الأميركي (جون كينيدي)، (يونيس كينيدي شرايفر)، التي كانت لها شقيقة اسمها (روزماري)، عانت من مشاكل سلوكية، عولجت على إثرها بعملية جراحية، كانت نتيجتها تضاؤل قدرتها العقلية، إلى طفل عمره عامان، مع عدم القدرة على المشي، والتحدث الصريح، وبعد فترة تعلمت المشي بصعوبة، مع تحدث محدود جدا، وشكوى من شلل في الذراع.

الأختان نشأتا وهما تلعبان الرياضة معا ومع عائلتهما، واعتقدت (يونيس) أنه إذا تم منح الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية نفس الفرص والتجارب كأي شخص آخر، فإنهم يستطيعون تحقيق أكثر بكثير مما يظنه أي شخص، وفي عام 1962 دعت (يونيس) مجموعة من ذوي الإعاقات الذهنية لمخيم صيفي استضافته في فناء منزلها الخلفي، وأطلقت عليه اسم (مخيم شرايفر)، وكان الغرض منه استكشاف مهارات الأطفال عبر مجموعة متنوعة من الألعاب الرياضية والأنشطة البدنية، وفي يوليو 1968، عُقدت أول دورة للأولمبياد العالمي الخاص في (شيكاجو)، وفي الافتتاح قالت (يونيس شرايفر) «إن أولمبياد شيكاجو الخاص الأول، يثبت حقيقة أساسية للغاية، وهي أن الأطفال ذوي الإعاقات الذهنية يمكن أن يكونوا رياضيين استثنائيين، وأنه يمكنهم عبر الرياضة إدراك فرص التطور لديهم، كما تعهدت أن هذه المنظمة الجديدة، (الأولمبياد الخاص)، ستقدم للأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية في كل مكان فرصا للعب والمنافسة والنمو، وتطور الأولمبياد الدولي الخاص، وصار حركة عالمية تخدم اليوم أكثر من 4.7 ملايين شخص من ذوي الإعاقات الذهنية، في 170 دولة، مع تدريب رياضي على مدار العام، في مجموعة متنوعة من الألعاب الأولمبية للأطفال والكبار ذوي الإعاقات الذهنية، ترفع من لياقتهم البدنية، وتظهر شجاعتهم، وتجعلهم يعيشون لحظات الفرح، هم ومن حولهم».

مساحة المقال الباقية، تجعلني أختصر كثيرا من المعارف التي تعلمتها، إلى الشكر الجزيل لأبطالنا، الذين رفعوا راية مملكتنا، وبيضوا وجوهنا، والشكر لأهاليهم على حسن عنايتهم ورعايتهم، ولمدربيهم المميزين، وجميع المراكز الخاصة التي احتضنتهم، كما هو كذلك لسمو رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة، رئيس مجلس إدارة (اللجنة الأوليمبية العربية السعودية)، الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، الذي أنشأ قبل فترة (الاتحاد السعودي للأولمبياد الخاص)، وعين على رأسه الخبيرة والسفيرة الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، لتقوده للأمام.