برنامج (تحدي القراءة)، برنامج جميل وأخاذ ونوعي ومبهر أيضاً، ومخدوم لوجستيا باحتراف. ولأن موضوعه حيوي ويلامس حاجة ماسة في وعي العرب عموماً، والسعوديين خاصة، فهو يرمز إلى الماضي العريق الأثري لاتصاله بموضوع الكتب والتأليف، ويرمز كذلك للحضارة الحديثة والقوة والصناعة والتقنية، وأيضا يلامس الانهزامية التي يعاني منها العربي أمام شموخ (موضوع القراءة لدى الغربي المنتصر)، وترانيم المبتعثين الغابرين واللاحقين، الذين يعجبهم منظر المكتبات ونظامها في أركان الأحياء وزوايا محاضن العلم (المدارس والجامعات)، أو أركان المولات والأسواق التي تعج بالكتاب، هناك تلمسها في كتاباتهم وحكاياهم، لكن الأمر الذي شد انتباهي أننا نحن السعوديين بتنوعنا الثقافي المذهل، وسيرنا العلمي السريع، ووجود قامات علمية وثقافية وأدبية عملاقة - يشار لها بالبنان بين العرب جميعا - ومهرجاناتنا الأصيلة (الجنادرية مثالا)، وقدرتنا على التنفيذ السريع والجيد والمتقن لما نتبناه، لم نستطع أن نخلق برنامجا أو جائزة محكمة تخدم موضوع القراءة، الأهم ثقافيا وأمميا. ومع احترامنا البالغ لإخواننا المبدعين في الإمارات على برنامجهم للقراءة وشكرنا لهم وغيرتنا منهم في آن معا، فهم لا يملكون ما نملكه من عمق، وامتداد ثقافي إنساني (ولا يضيرهم ذلك)، ومع ذلك لم ننجح في بناء برنامج ثقافي ذي بعد أممي وقومي مثلهم، رغم أننا نحن القارئون ونحن المؤلفون ونحن الشعراء والناثرون وكذلك.. المتصارعون. هل نحن غير قادرين على الإبداع؟.. هل كوادرنا البشرية لا ترقى لمثل هذا الجمال؟! كلا وربي!. ولكن لأننا لم نضع المثقف المبدع الذي تعب على تكوين مهاراته في مكانه الصحيح، واستعضنا عنه بمن يحمل كرتونا مكتوب عليه (دكتوراه) لكن بعقلية شللية!! وعقلية موظف!! همه كم يتقاضى من البدلات؟. المشهد ليس بهذه القتامة حتما. ولكن للغبينة أحكامها.