وأنا أتواصل مع أحد أصدقاء الدراسة، علمت منه بوفاة أستاذنا للغة العربية - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته -، وأعطاني صديقي صفحة ابنه على موقع الفيسبوك، الذي كان معنا في المدرسة هو أيضا، حتى أتواصل معه وأقدم واجب العزاء له.

كان هناك ثلاثمائة تعليق عن المغفور له وصور تجمعه مع طلابه وبقية الأساتذة، والكل من دون استثناء شارك مشاركة فعلية في إظهار سيرته العطرة طوال سنواته عمله كأستاذ للغة العربية. إن هذا الخبر دعاني إلى الالتفات إلى حال الكثيرين الذين هم في هذه الحياة، وكل واحدا منا يعرف عددا كبيرا منهم، لكن لم يقدموا شيئا يذكر لأنفسهم أو لعائلاتهم أو للآخرين، يعيشون حياة بلا قيمة، رافعين راية الاستسلام لليأس والبطالة، يكررون كالببغاء نفس الأسطوانة المشروخة التي يقولها كل فاشل على وجه هذه الكرة الأرضية. الإبداع والتميز لا يشترطان أن تقدم شيئا خارقا ومختلفا عن الآخرين، هذه النظرية خاطئة ولكن يؤمن بها الكثيرون، بل يكفي أن تتقن عملك بإخلاص ويستفيد منه الآخرون.

أيام العمر تمضي ولا تعود وعلى الجميع وأنا منهم التفكير بعمق، والعمل بجد حتى نضع بصمتنا في هذه الحياة كما فعل غيرنا، ورحيل أستاذي المغفور له ليس إلا جرس البداية لفتح صفحة جديدة بالنسبة لي، وأنا أيضا بدوري أقرع الجرس إلى الآخرين عبر كتابتي لهذا الموضوع المتواضع، لعل وعسى يقرروا أن يضعوا بصمتهم في عمل مفيد.