كشف تقرير لمعهد Brookings الأميركي، أنه منذ 2013، ارتفعت الديون في إفريقيا بشكل سريع، حيث زادت نسبة متوسط الدين إلى إجمالي الناتج المحلي إلى 53% في 2017. ونتيجةً لذلك، حوالي ثلث الدول في إفريقيا جنوب الصحراء مصنفة على أنها إما واقعة في أزمة ديون أو معرضة لأزمة ديون كبيرة، بما في ذلك غالبية الدول التي استفادت من تخفيف الديون في التسعينيات من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهذه الملاحظات تثير المخاوف من أن المنطقة تواجه أزمة ديون نظامية.

زيادة الديون



يشير التقرير إلى أن الوتيرة السريعة لزيادة الديون في السنوات الأخيرة، و كذلك تكاليف خدمات الديون والتغيرات المهمة في هيكلة تراكم الديون بالمنطقة، مقارنةً بعهد البلدان الفقيرة المثقلة بالديون والمبادرة المتعددة الأطراف لتخفيف عبء الديون، أصبحت تثير القلق. وأضاف: «بالرغم من الزيادة السريعة في الديون، إلا أن نسبة متوسط الديون إلى إجمالي الناتج المحلي بالنسبة للدول الإفريقية لا تزال منخفضة نسبيًا (53 %) مقارنةً بـ90 % أثناء فترة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون والمبادرة المتعددة الأطراف لتخفيف عبء الديون». وعلاوة على ذلك، بالرغم من أن الزيادة في الديون كانت سريعةً جدًا في السنوات الأخيرة، إلا أن وتيرة التراكم قد تباطأت بشكل كبير ما بين 2013 و 2016، وارتفعت نسبة متوسط الديون إلى إجمالي الناتج المحلي من 33% إلى 52 % في 2016. و هذه زيادة تقدر بحوالي 5 نقاط مئوية عن إجمالي الناتج المحلي لكل سنة.

لماذا الزيادة

أكد التقرير أن الزيادة في الديون الإفريقية تعكس عدة عوامل، أهمها الأزمة المالية العالمية وصدمة شروط التجارة 2014 التي ضربت الاقتصادات من حول العالم بقوة. ولم تكن الدول الإفريقية جنوب الصحراء متروكة، حيث إن جزءا من زيادة الديون الإفريقية عكس هذه الصدمات السلبية، و في بعض الحالات، الردود السياسية تخففها. والزيادة في الديون كانت سريعة خصيصًا بالنسبة لمصدري النفط بالمنطقة.

وأضاف: «في مواجهة معدلات الادخار المحلية المنخفضة، والاحتياجات المالية المتصاعدة، خصيصًا بالنسبة للبنية التحتية، دفعت الحكومات إلى عقد الديون من مختلف المصادر مثل أسواق القروض الدولية، و الأسواق المحلية، والمؤسسات متعددة الأطراف، وأعضاء مجموعة البلدان الدائنة الرئيسية التي تسمى نادي باريس، و الدول غير المنتمية لهذا النادي، الصين هي الأبرز بينها.

الفائدة المنخفضة

لفت التقرير إلى أن أسعار الفائدة المنخفضة للغاية السائدة في أسواق الولايات المتحدة والاقتصادات المتقدمة الأخرى، أدت المقرضين في السوق الخاص إلى تصعيد الإقراض إلى الأسواق الحدودية، بما في ذلك إلى العديد من الدول الأفريقية، وذلك بحثًا عن أصول ذات عوائد مرتفعة. وبدأت العديد من الدول الإفريقية في 2006 الوصول إلى أسواق رأس المال العالمية. وتضمنت العوامل المساهمة الإضافية تبادل انخفاض سعر الفائدة، الذي يرفع من قيمة العملة المحلية للديون غير المحوطة بالعملات الأجنبية، وفي بعض الحالات، سوء الإدارة. وأشار إلى أنه بالتطلع إلى الأمام، فإن معظم دوافع الزيادات في الديون تبدو متفرقة. فأسعار السلع تراجعت عن انخفاضاتها، والنمو الاقتصادي بدأ يقوى، وأسعار الفائدة قد قويت، وفي العديد من الحالات، ضبطت الأوضاع المالية العامة. وتبعًا لذلك، استقرت نسبة الديون في 2017، و من المتوقع لها أن تتراجع إلى 47 % بحلول 2023. و لكن، مستويات الديون عبارة عن صورة غير مكتملة لأزمة ديون محتملة، وجميعها مهمة لقدرة الدولة على تحقيق استدامة الديون، وبالتالي تتجنب الأزمة المحتملة. وفي هذه النتيجة، هنالك فرق كبير بين عهد البلدان الفقيرة المثقلة بالديون والمبادرة المتعددة الأطراف لتخفيف عبء الديون.

لماذا القلق؟

قال التقرير إن»تراكم الديون الحالي يتميز بزيادات في كُل من الديون الخارجية و المحلية، ولكن تظل الديون الخارجية هي المهيمنة، بنسبة 60%. في حين أن تراكم الديون الخارجية السابق كان بسبب زيادة في الإقراض من قِبل المؤسسات متعددة الأطراف، إلا أن السبب الحالي هو الزيادة الضخمة في الإقراض الخاص. عِلاوةً على ذلك، نسبة عالية من إقراض المنطقة تكون بشروط غير ميسرة، بينما نسبة الديون متعددة الأطراف وثنائية الأطراف تراجعت.

إصدار السندات

بالتأكيد، منذ 2006، فإن 15 دولة إفريقية جنوب الصحراء قامت بشكل منتظم بإصدار سندات العملة الخارجية في أسواق القروض العالمية.

على وجه الخصوص، كان هناك انتشار في إصدار سندات اليورو، وآجال استحقاق السندات المصدرة قد تراوحت بشكل عام ما بين 5و 10 سنوات.

إلى جانب أن هيكلة الأجل القصيرة نسبيًا لا تتوافق مع حياة مشاريع البنية التحتية مع ملفات العائدات الأطول زمنًا بكثير. وبخصوص ذلك، توجه الدول المؤخر في إصدار سندات بأجل 30 عامًا تعتبر خطوة نحو الاتجاه الصحيح.

قاعدة الدائنين

لفت التقرير إلى أن قاعدة الدائنين الأكثر انتشارًا يجب أن تؤخذ في الاعتبار، حيث إن التحول من القروض الجارية بدلًا من الميسرة قد ساهم في انتشار قاعدة الدائنين.

وعِلاوةً على ذلك، لقد كان هنالك تغير كبير في الشركات الثنائية، الأمر الجدير بالملاحظة، هو أن الديون الثنائية للمنطقة قد ابتعدت كثيرًا عن دول أعضاء نادي باريس لتتجه نحو المقرضين غير التقليديين، مثل الصين. ففي 2017، دول نادي باريس امتلكت أقل من 7% من الديون الخارجية لإفريقيا، وهذا انخفاض عن 15% في 2008.

وأشار إلى أن الزيادة كانت كبيرة خصيصًا في أنجولا ونيجيريا وغانا وبوروندي، حيث زادت بحوالي 20 نقطة مئوية. ونتيجةً لذلك، تكاليف الفائدة الآن تمثل 10% من إيرادات الحكومة في 17 دولة، مقارنةً بـ6 دول في 2012. في ثلث الدول الإفريقية، تكلفة الفائدة قد وصلت الآن أو تجاوزت مستوى فترة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون والمبادرة المتعددة الأطراف لتخفيف عبء الديون.

هذا التدهور الكبير في تكلفة سعر الفائدة بالرغم من مستويات الديون المنخفضة نسبيًا، يشير إلى تدهور محتمل في جودة الديون أثناء الفترة الحالية من تراكم الديون مقارنةُ بفترة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون و المبادرة المتعددة الأطراف لتخفيف عبء الديون.



الجوانب الإيجابية

لفت التقرير إلى أنه بالتأكيد توجد جوانب إيجابية كبيرة للتغييرات في هيكلة تراكم الديون الحالية.

فالوصول إلى الأسواق المالية العالمية أمر لا مفر منه وجزء مرحب به من التنمية الاقتصادية. وهذا الوصول يسمح بالتنويع في مواضيع ومصادر تمويل الاقتصادات في مجال الأسواق المالية، و الانتباه المتزايد للتطورات والسياسات الاقتصادية المحلية. وأبان أن القروض المدعومة بالسلع قد تسمح للدول الإفريقية بالوصول إلى تمويل أكثر بتكلفة أقل إذا كانت الشروط مصممة بشكل جيد وشفافة واضحة، مؤكدا أن التحدي على واضعي السياسات هو الاستفادة من الفرص التمويلية الجديدة و في نفس الوقت ضمان أن تكون أطر إدارة الديون و منهجياته قوية في إدارة المخاطر الجديدة التي تأتي بها. وبالرغم من أن أزمة الديون السياسية الإفريقية ليست وشيكة، إلا أنه لابد وأن تكون هنالك تدابير استباقية جاهزة بهدف تحسين الاستعدادية والقدرات من أجل حل الأزمة في حال وقوعها.



دور واضعي السياسات

خلص تقرير المعهد بالقول إن أزمة الديون الأخرى في أقل من عقدين بعد تخفيف الديون في فترة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون و المبادرة المتعددة الأطراف لتخفيف عبء الديون، يخدم كتذكير بأن التقدم في حل المشاكل الهيكلية التي تقيد تمويل التنمية المستدامة لم يكن تقدمًا كافيًا. و الأهم من ذلك، يجب أن تكون هنالك جهود متضافرة من أجل تعزيز حركة الموارد المحلية، خصوصًا الكفاءة في جمع إيرادات الضرائب، و مكافحة تدفقات رأس المال غير المشروعة، و تعزيز الحكم بالموارد الطبيعية، وتسريع تنمية الأسواق المالية المحلية. هنالك جوانب بإمكان الشركاء العالميين دعمها، بما في ذلك المساعدة في بناء قدرة بنوك التنمية على لعب دور أكبر في تمويل البنية التحتية بالمنطقة. إلى جانب أن الفجوات الكبيرة في التمويل لا تزال قائمة في البنية التحتية، إلا أن هذه البنوك ستستمر في الضغط على أموال و ديون الحكومة.

أسباب زيادة الديونفي القارة السمراء:

الأزمة المالية العالمية.

صدمة شروط التجارة 2014 التي ضربت الاقتصادات.

أماكن الاقتراض:

تعزيز حركة الموارد المحلية.

الكفاءة في جمع إيرادات الضرائب.

مكافحة تدفقات رأس المال غير المشروعة.

الحلول:

تعزيز الحكم بالموارد الطبيعية.

تسريع تنمية الأسواق المالية المحلية.

أسواق القروض الدولية.

الأسواق المحلية.

المؤسسات متعددة الأطراف.

أعضاء مجموعة

نادي باريس

والصين.