نتج عن انهيار الاتحاد السوفيتي وانهيار ديكتاتورية الطبقة العاملة في البلدان الاشتراكية أكثر من مشكلة، ومن أهم هذه المشكلات التي نتجت عن هذا الانهيار: تشرد طبقة الكلاب. فقد كانت الكلاب في البلدان الاشتراكية تعيش عصرها الذهبي وكل شيء موفر لها، المأوى والطعام والتطبيب. تنام وتأكل وتشرب وتتعالج بالمجان. صحيح أنه لم يكن يسمح لها بالنباح، لكنها لم تكن في حاجة إلى أن تنبح. كان كل همها أن تأكل وتنام وتعض كل من يعادي حزبها المعبود. فإذا نبحت وسمح لها بالنباح كانت تنبح ضد كلاب الرأسمالية وضد كل كلب لديه ميول بورجوازية. غير أن هذه الكلاب بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي وجدت نفسها في الشارع بلا مأوى ولا طعام ولا مستقبل. وباستثناء أعداد قليلة من الكلاب الحزبية التي استطاعت أن تتأقلم مع النظام الكلبي الجديد فإن غالبية الكلاب التي لم تتمكن من اللحاق بكلاب العولمة وجدت نفسها تهيم في الشوارع وتطوف حول براميل القمامة بحثاً عن بقايا عظام العهد البائد. وفي الأسابيع الأخيرة نشرت الصحف أن النجمة المشهورة بريجيت باردو معبودة الكلاب، أو كما يسميها البعض -ست الكلاب- والتي كان اهتمامها محصورا في نطاق كلاب أوروبا الغربية، قد زارت عددا من دول أوروبا الشرقية للاطلاع على أحوال الكلاب في هذه البلدان الاشتراكية -سابقا-، ومن ضمن البلدان التي زارتها رومانيا، حيث كان في استقبالها في مطار -بوخارست- حشد من الكلاب الضالة التي رحبت بمبعوثة العناية الغربية واستقبلتها بالعظمان وبالأحضان، بل إن سيدة الكلاب تأثرت بهذا الاستقبال وهذه الحفاوة وسالت دموعها تعاطفا مع هذه الكلاب الضالة التي ضللتها الأحزاب الاشتراكية الحاكمة وطوقتها بالسلاسل. ومع أن ست الكلاب فتحت ملجأ للكلاب المشردة في أكثر من بلد كمساهمة منها في حل مشكلة تشرد الكلاب في هذه البلدان، إلا أنها خلقت أكثر من مشكلة. فقد رجعت الكلاب من كل مكان بمجرد سماعها بوصولها حتى اكتظت المدن وضواحيها بالكلاب الضالة، وأصبحت تشكل خطرا حقيقيا على الأطفال المشردين الذين حقدوا على الكلاب وحسدوها على الملاجئ النموذجية التي أقيمت على نفقة النجمة المشهورة والست المحبوبة... ست الكلاب. مارس 2001