تتغير أمور كثيرة في بعض الكليات، من رؤساء الأقسام للعمداء، ولكن يبدو أن جاهزية المعامل تقاوم التغيير.

في بعض الكليات، يعلم المشرفون والمشرفات في عدة معامل أنها معطّلة، وأن التجارب لا تقام، ومع هذا تدرج ساعات المعامل في الجداول حسب الخطة، ويوقع عليها الجميع مع سبق الإصرار والترصد، ثم يملأ هذا الفراغ بأي شيء!.

جريمة علمية اسمها (مشّي حالك)، متخصصون في المختبرات لا يقومون بالحد الأدنى من التجارب في تخصصاتهم! كيف وضع القسم هذا المقرر في الخطة الدراسية بدون أن يتأكد من تأمين المعامل؟ وكيف وافق عليها مجلس الكلية ووكالة الجامعة المعنية؟ وما نتائج التقرير النهائي للمقرر على أرض الواقع؟.. لا أحد يدري.

ثم جاءت ثورة الأبحاث، والمطالبة بالإنتاج البحثي، فأسقط في يد الأكاديميين في هذه الأقسام لأن المعامل «ما تساعد»، ما هو الحل يا ترى؟ نستعين بالأصدقاء من جيراننا في جامعات الدول العربية، ونطلب منهم القيام بالتجارب وتزويدنا بالنتائج بمقابل مادي، ونكتب البحث وكأننا من قام بالتجربة، الأمور سهلة ولا داعي للتعقيد.

وإن أنسَ فلا أنسَ الكليات العلمية في المحافظات وما يعانيه أساتذتها من نقص التجهيزات. تقسم إحدى الزميلات أنها تخرجت من قسم الحاسب بدون أن تلمس الحاسب، لكن الحاسب أهون مشاكلنا، ماذا عن خريجي المختبرات مثلا؟ هل شهاداتهم مضللة ولا تعكس الحقيقة؟!، هذه الفكرة مروعة ومقلقة لو أسقطناها على تخصصات معنية بصحة الإنسان كالطب والصيدلة والأسنان.

هل من حلول؟ سأقترح هنا حلَّين ولعل الإجازة الصيفية تمنح الأقسام فرصة تنفيذهما أو أحدهما.

الأول، هو تجهيز المعامل المناسبة للتجارب المحددة في المقررات على الأقل، ومتابعة ذلك من الإدارات المسؤولة، دعما لجودة التعليم ومخرجاته، والتي لا تضمنها التقارير فقط.

أما الحل العاجل فهو أن تستأجر الأقسام أقرب معامل مجهزة في محيطها الجغرافي بالساعة للقيام بالتجارب، سواء أكانت المعامل لجامعات أخرى أو مختبرات ومصانع مستقلة أو لمراكز أبحاث.

هذا الحل سيقلل الهدر ويضمن تشغيل المعامل المكلفة بكامل طاقتها ويجوّد السيطرة على الأمن والسلامة في حال تنفيذه بشكل علمي سليم.

أخيرا، علينا في التعليم أن نقيّم الممارسات لا النتائج والأرقام فقط، كأن نتأكد من جاهزية المعامل ونمنح ساعات المعامل حقها من الاهتمام لتخريج طلاب مؤهلين وقادرين على المشاركة في تحقيق أهداف الوطن ورؤيته ونقله من استهلاك المعرفة العلمية لإنتاجها.