الكبار مهما تكالبت عليهم الظروف واستكانوا في مواقع لا تتناسب مع مكانتهم، لا يمكن أن يهتزّ تاريخهم، فقيمتهم سامقة حاضرة في كل الأحوال، بدليل أن التاريخ يحفظ أسماء ذاك البطل، ومن كان له دور في تفعيل كثير من النظريات في مختلف المجالات التي أضاءت نور الحياة، حتى ولو تم تطويرها اسمه خالد.

وكرة القدم أيضا أبطالها ونجومها وفرسانها راسخون في الذاكرة، ولعل تلك الحقيقة تتجسّد في الواقع الذي يعيشه عميد الأندية السعودية «نادي الاتحاد» الذي مرّ خلال الموسم بتقلبات لا تتناسب مع قيمته، جعلت المراقب للمشهد حائرا حول أسباب تواري العملاق، ورغم ما حدث له من نكسات إلا أن المتابع يتيقن أن العميد سيعود مهما كانت صلادة الظروف، لأن جذوره عميقة في صفحات التاريخ، ويملك إرثا يؤهله ليكون في الطليعة.

العميد فاق قبل أن يختم الدوري بـ3 جولات، واختار التوقيت المناسب لتسجيل الحضور في نزال لا يقبل القسمة، فخسارته تضعه في وحل الهبوط المرّ، وفوزه يطيح بالمتصدر، وبين تلك المساحة المتباينة تعملق النمور، وسجلوا أحلى الصور الأدائية، وأكدوا أنهم أسياد الدوري السعودي حتى ولو لم يُتوَّجوا، وأسقطوا النصر المدجج في جميع خطوطه، وانتصر على ظروفه في مشهد مشهود لا يمكن أن يرسمه إلا بطل اسمه الاتحاد «نادي الوطن»، الذي يملك شخصية متفردة تختلف عن البقية، وضع بصمته المميزة، وأحدث لعبة الكراسي في الفصل الأخير الذي لا يتجلى فيه عادةً إلا البطل.

فتحية للاتحاد، وألف تحية لعشاق هذا النادي العتيد، وفي غمرة الصراع النصرواي الاتحادي، والذي كسبه الأخير، كان هناك أيضا تنافس محلي عربي جمع قلعة الكؤوس الأهلي وزعيم الأندية الهلال، دارت بينهما صراعات خلال 4 أيام لم تحدث من قبل.

النزال الأول تصبّ نقاطه في نهر الدوري، والمواجهة الثانية لتحديد الطرف المتأهل للنهائي العربي، وبغض النظر عن الكاسب والخاسر في اللقاء الأخير، الأمل كبير في أن تعود البطولات الخارجية إلى جادة الفرق السعودية على صعيد كرة القدم، بعد أن غابت سنوات، وقلوبنا مع ممثلنا وهو يلاقي نجم تونس، ليضيئ تاريخ البطولات بمجد جديد مختلف عن البطولات السابقة، ويكفي الهلال والأهلي أنهما الأكثر حضورا في الصراع العربي، والأقدر على تسجيل العطاء المضني في مثل تلك المعتركات التي في العادة تأخذ طابعا مختلفا من التنافس.