العاشرة صباحا، فتح باب مصعد الجهة التي أعمل بها وإذا بطفل آسيوي مع والده، استقبلني الطفل بابتسامة ومشاكسة الأطفال الطبيعيين المرحين وكأنه يعرفني أنا وزميلي الواقف بجانبي، قام بضغط بطني بحركة مباغتة بأصبعه الرقيق وهو يهمّ بالخروج، ومررها أيضا على بطن زميلي وكأنه يحاسب ببطاقة مدى في بقالة! ربما أرادها الطفل ببراءة كتحية صباحية عفوية، وتعبيراً عن شعور سعيد يخالجه وهو بصحبة والده، ضحكنا لغرابة الموقف وأغلق المصعد وصعدنا نتأمل ونناقش حالة مرح الطفل التي لا نراها إلا نادرا في كثير من الأطفال أمام الغرباء والأماكن العامة، قال صديقي ابني أمام الآخرين تراه «متصكصكاً» لا يفلت يدي خوفا، وفي المنزل طفل آخر لا يكف عن اللعب والصراخ في الأرجاء! وكأنه يبتزّنا حتى يأخذ جرعته اليومية من اللعب في «الجوال» وحينها يصبح وديعا كدعاء روحاني في ليلة قدر! قال متمتماً تباً للتقنية وطوفانها الذي يريد ابتلاعنا حتى نصبح غرباء حتى عن أبنائنا! قلت لا تحملوا إخفاقاتكم بتنشئة أبنائكم على العصر وأدواته، وحدكم المسؤولون، فالأطفال صفحة بيضاء، الأسرة من تكتب قوائم سلوكه وتجعل منه طفلا طبيعيا على الفطرة. خرجت من المصعد وأنا أفكر بحالنا نحن الكبار سنا مع طوفان وسائل التواصل الاجتماعي، وتوصلت لقاعدة خاصة بي، أنه كلما ازداد الشخص تواصلا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ابتعد عن محيطه وواقع حياته الاجتماعي الحقيقي، وأقول لكل أطفال العالم الرائعين بطون الآخرين ليست «تتش» أي لمس لنتحول معه للعبة تحبونها كحال تعاملكم مع الأجهزة الذكية حفظكم الله.