موسى حريصي

من الملاحظ أن هناك اهتماما كبيرا من الجهات المسؤولة بتطوير زراعة البن في جبال منطقة جازان، ليكون أحد أهم المنتجات الزراعية في المملكة.

هذا الاهتمام بزراعة البن يعود إلى أهمية البن الاقتصادية، إذ إنه أحد أهم المنتجات العالمية، ويمثل عصب الاقتصاد بالنسبة لكثير من الدول.

هناك تعاون مميز بين وزارة الزراعة والبيئة والمياه وشركة أرامكو لدعم زراعة البن في منطقة جازان، وذلك خلال تأهيل المزارعين وتوفير أحدث الأدوات والتقنيات الزراعية، وقد نتج عن هذا التعاون زيادة كبيرة في مزارع البن ومحصوله السنوي. إلا أن لزراعة البن جانب اقتصادي مهم آخر يكمن في جاذبيتها السياحية، لكن ما زالت الجهات المعنية -وعلى رأسها هيئة السياحة والتراث- تغفل عنه.

من وجهة نظري كأكاديمي وباحث متخصص في المهرجانات الغذائية، هناك ضرورة ملحّة لوضع إستراتيجية تسويقية سياحية قائمة على مفهوم اقتصاد التجربة (Experience economy)، وهو مفهوم يقوم على أسس متنوعة لتسويق المنتج حتى يصبح تجربة سياحية أصيلة وفريدة من نوعها.

هناك تجارب مختلفة يمكن الاستفادة منها. مثلاً، تجربة مدينة هيرشي في ولاية بنسلفانيا الأميركية، التي استفادت من انتشار منتج الشوكولاتة الشهير «هيرشي» لتحوله من منتج يباع على أرفف المتاجر فقط إلى تجربة يعيشها السائح إلى مدينة هيرشي، بحيث يزور المصنع ويعيش مراحل الإنتاج كاملة. أيضا، في سريلانكا تعتمد المناطق المتخصصة في زراعة الشاي هذا المفهوم التسويقي، بحيث تتيح للسياح دخول المزارع وقطف الشاي، وزيارة خطوط الإنتاج وتجربة أنواع الشاي المختلفة.

الفرصة المتاحة أمام منتج البن كبيرة، لكن استغلالها ضعيف إلى الآن. فمهرجان البن وحده لا يكفي، واعتماد البن السعودي كمنتج يباع فقط في أرفف المتاجر كأي بُنّ مستورد خطأ وإهدار لثروة وطنية كبيرة.

تطبيق مفهوم اقتصاد التجربة لخلق سياحة زراعية حقيقية يمكن أن يمثل فرصة اقتصادية ليس فقط لمزارع البن، بل كذلك لمزارع الفواكه الاستوائية، وعلى رأسها المانجو في جازان، ومزارع الزيتون في الجوف ومزارع التمور في القصيم ومناحل العسل المنتشرة في مناطق المملكة، وهذا قد يخلق نمطا سياحيا جديدا في المملكة يعادل في أهميته السياحة التراثية التي تتميز بها المملكة.