إن أحد أهم المشكلات السابقة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كان في إعطاء رجالها الميدانيين حق تفسير المخالفات الشرعية حسب فهمهم، ودونما لائحة منكرات مسبقة محددة.

ومن المعلوم أن القيم تختلف من مكان إلى آخر، ومن مجتمع إلى مجتمع، والفقه يأخذ هذا في الحسبان، فعندما يعمل رجل هيئة قدم من قرية نائية بعيدة إلى مدينة كبيرة مثل جدة، فإنه يمكن أن يعدّ كل ما يراه منكرات، رغم تعارف أهل المدينة عليه. وعليه فقد كان رجل الهيئة ليس رجل سلطة تنفيذية فقط، بل كان رجل سلطة تشريعية كذلك!.

على المنوال نفسه صدرت لائحة الذوق العام، وكانت عامة وفضفاضة جدا، وفيها الخطأ نفسه الذي ارتُكب مع رجال الهيئة. فرجال الذوق العام سيملكون تفسير ما هو الذوق العام وليس اللائحة!، وعليه فإنه من المتوقع أن تحصل الإشكالات نفسها.

فالذوق العام في مجتمع القرية مختلف عن الذوق العام في مجتمع المدينة، ويظهر هذا على سبيل المثال في المادة الرابعة التي تناولت اللباس.

إن لائحة الذوق العام ينبغي أن تكون أكثر تفصيلا، فما اللباس المحتشم المطلوب؟، وما حدود الاحتشام؟، وهل يدخل الحجاب ضمن اللباس المحتشم؟، وما شكل هذا الحجاب وما لونه؟.

وختاما، فإن ضبط مواد اللائحة التي جاءت إطارا عاما، يحتاج إلى تفاصيل تنفيذية تصاغ بواسطة قانونيين تشريعيين، وليس قانونيين تنفيذيين «رجال الذوق العام».