بينما أدان المجتمع الدولي تفجيرات سريلانكا التي وقعت، أول من أمس، بالتزامن مع عيد القيامة «عيد الفصح»، في ثلاث كنائس وخمسة فنادق في عدة مدن، تساءلت وسائل الإعلام السريلانكية عن السبب الرئيس لمثل هذه الاعتداءات، وهل الدولة بحاجة إلى جيش قوي يستطيع حمايتها من الإرهاب أم أن البلاد تحتاج لحملة أمنية صارمة للحد من الانفلات وعدم الانضباط الديني، في ظل التعدد المقلق للأديان.

وكانت سريلانكا قد تعرضت، أول من أمس، لعدة هجمات إرهابية أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 290 شخص وإصابة 500 آخرين في التفجيرات.

واستهدفت الانفجارات ضريح القديس أنتوني، وكنيسة سان سيباستيان في مدينة نيغومبو الساحلية غربي البلاد، وكنيسة زيون في مدينة باتيكالوا في الشرق، كما وقعت ثلاثة انفجارات في فنادق سينامون غراند وشانغري- لا وكينغسبري، ذات الخمسة نجوم، في كولومبو.

وتساءلت صحيفة The Sunday Times Sri Lanka: «ماذا يحدث الآن؟ أين سريلانكا؟ وهل يمكن أن تعود البلاد إلى تلك الأيام المجيدة التي قيل لنا إنها موجودة منذ زمن طويل حيث كنا ننعم بالأمان و الازدهار».

ترهيب متزايد

وقالت جماعات مسيحية إنها تعرضت لترهيب متزايد من بعض الرهبان البوذيين المتطرفين في السنوات الأخيرة. وفي العام الماضي وقعت اشتباكات بين الأغلبية البوذية السنهالية والأقلية المسلمة، واتهمت بعض الجماعات البوذية المسلمين بإرغام الناس على اعتناق الإسلام.

وقال رئيس الوزراء رانيل ويكرمسينغ في تغريدة «أدين بشدة الهجمات الجبانة على شعبنا اليوم. أدعو كل المواطنين في سريلانكا إلى البقاء موحدين وأقوياء خلال هذه المحنة المأساوية».

وضع سياسي متأزم

تعيش سريلانكا وضعا سياسيا صعبا، إذ كان هناك ارتباط بين الحزب الوطني المتحد الذي يقوده «فيكراماسينج»، وفصيل في «حزب الحرية السريلانكي»، الذي تم تأسيسه في عام 2015 بأجندة واحدة هدفها إبقاء الرئيس السابق «ماهيندا راجا باكسا» بعيداً عن السلطة.

وقد حظي ذلك الائتلاف بدعم الهند والدول الغربية، التي أرادت جميعها عدم استمرار «راجا باكسا» كرئيس للدولة، فيما اتخذ الغرب موقفا مناهضا له بسبب مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان أثناء الحرب الأهلية، بينما أرادت الهند إقصاءه بسبب قربه من الصين.

أول هجوم منذ 10 سنوات

تعد هذه هي المرة الأولى منذ قرابة 10 أعوام أي منذ انتهاء الحرب الأهلية السريلانكية عام 2009 التي تشهد فيها البلاد هجوما إرهابيا كبيرا. وسيلقي بالتأكيد بظلاله على أكبر مصدر للدخل وهي السياحة، إذ قال رئيس وزراء سريلانكا بعد الهجمات المتزامنة إن: «الاقتصاد سيأخذ اتجاها هابطا، السياحة ستتأثر وقد تدفق بعض الاستثمارات إلى الخارج، علينا أن نتحلى بالصبر في هذه الأزمة الوطنية».

وتعتمد سريلانكا التي اختارتها شركة «لونلي بلانيت» أكبر مرجع ودليل للسفر حول العالم كأفضل وجهة للسفر في 2019، على السياحة كمورد رئيسي للدخل، وكانت تتطلع لإنعاش الاستثمارات في قطاع الفنادق والمنتجعات من أجل زيادة حصتها السوقية في قطاع السياحة العالمي وجذب المزيد من الزائرين.

ووفقا لوكالة بلومبرج، أعادت الكارثة ذكرى الحرب الأهلية في سريلانكا التي دامت لعقود وانتهت عام 2009 بعد مقتل 100 ألف شخص على الأقل.

2.1 مليون زائر

كانت السياحة إلى سريلانكا قد انتعشت بشكل كبير لتسجل 2.1 مليون زائر في 2017، مقارنة بـ447 ألف زائر فقط في 2016، بينما أعلنت هيئة تنمية السياحة في سريلانكا أنها تستهدف مضاعفة عدد السياح إلى 4 ملايين زائر بحلول عام 2020.

وفي مارس الماضي وحده، استقبلت سريلانكا 244 ألف سائح بزيادة 7% عن فبراير 2019، وكان معظم السياح أوربيين.

ولتعظيم إيرادات السياحة، دشنت الحكومة السريلانكية عددا من مشاريع خطوط السكك الحديدية، ووجهت الاستثمارات نحو بناء الفنادق الفاخرة، وجذب سلاسل الفنادق الدولية مثل موفنبيك، وشيراتون، وجراند حياة.

مصدر مقلق

يظل التنوع العرقي والديني الكبير في البلد التي يبلغ تعداد سكانها 21 مليون نسمة، مصدرا للقلق. ومصادر القلق من هذا النوع تكون ذات تبعات خطيرة على المستثمرين الأجانب، وهو ما يفسر تصريحات رئيس الوزراء التي تحدثت عن احتمال هروب بعض الاستثمارات. وكانت تلك الاستثمارات سببا في ارتفاع قيمة الروبية السريلانكية بنسبة 4.75% خلال العام الجاري، بعد أن تدفقت أموال الأجانب إلى السندات السريلانكية. وقال رئيس الوزراء، إن حكومته ستتخذ خطوات فورية لاحتواء الموقف.

التأثير على السياحة باعتبارها أكبر مصدر للدخل بالدولة

انخفاض الاستثمارات وتأثر الاقتصاد بوجه عام

عودة أجواء الحرب الأهلية السيرلانكية التي انتهت عام 2009

تعدد الأعراق والديانات بما يسفر عنه من مشاكل طائفية

اشتعال الصراع بين الأغلبية البوذية السنهالية والأقلية المسلمة