يعد تحليل البيانات أداة فعالة للمساعدة في اتخاذ القرارات في غالبية شركات القطاع الخاص، وهناك اهتمام متزايد لإدارة البيانات وتحليل إمكاناتها، وكلنا يعلم كيف غيرت بيانات المستخدمين الطريقة التي نعمل بها في كل المجالات، بما في ذلك صناعة النشر، إذ قدمت البيانات الديموجرافية لزوار المواقع الإخبارية رؤية عميقة لسلوك القراء، ومعلومات وافية عن طرق التفاعل مع المحتوى وعدد الزيارات، وأجبرت الناشرين على الابتعاد عن الأساليب القديمة نحو تبني إستراتيجيات جديدة لزيادة الإيرادات، مثل جمع البيانات ذات الصلة وتحليلها واستخلاص مقترحات عملية قابلة للتنفيذ. ومتابعة رغبات الجمهور يشبه كثيرا قسم الأبحاث والتطوير في الشركات، وسواء كنت ناشرا أو صاحب علامة تجارية، لديك شريحة محددة من الجمهور، وهدفك محاولة الوصول إليها وتنمية أعدادها، واكتساب القدرة على الفهم والتنبؤ بمتطلباتهم في المستقبل من أجل إنشاء محتوى تفاعلي يملك قيمة معرفية وعاطفية بالنسبة لهم، والمحتوى المرغوب سوف يجذب عددا كبيرا من الزوار لموقع الصحيفة، وبالتالي استقطاب المعلن الذي يستعين بالبيانات المتوفرة لاستهداف الجمهور المناسب لمشاهدة الإعلانات. وتفرض بعض الصحف رسوما رمزية لتصفح موقعها الإلكتروني مثل نيويورك تايمز وغيرها، وأسهم ارتفاع الدخل من الاشتراكات الرقمية في ظهور وظائف جديدة في عالم النشر وزيادة الحاجة إلى أصحاب الخبرة المتخصصة في تحليل البيانات وإدارة المنتجات والاستثمار في فرق صغيرة لإنتاج تقارير صحفية استقصائية تعتمد على صحافة البيانات، وإنتاج أفلام وثائقية لجمهور الصحفية على موقع يوتيوب. وصحافة البيانات لا تعني رسوم الإنفوجرافيك المزركشة الخالية من المعلومات المتعلقة بحياة القراء اليومية، بل تعنى قضاء الوقت في البحث وجمع البيانات من عدة مصادر مختلفة، والاعتماد على جداول البيانات والإحصائيات كمصدرنا الوحيد للقصة لغاية اكتشاف العناصر الغامضة بين السطور.عند كتابة قصة خبرية، غالبا ما تقدم أقوالا مدعومة بالمصادر، سواء تصريحات رسمية أو تدوين روايات شهود العيان، المشكلة لا يمكن إقناع القراء في كثير من الأحيان بالكلمات والاقتباسات فقط، يمكن أن تساعدنا البيانات في سرد القصص بطرق أكثر إبداعا وإمتاعا، وتصبح أكثر تأثيرا، لأن الأرقام تتحدث عن نفسها. وبالإضافة إلى أساليب التقارير الصحفية المثيرة، يوفر تحليل البيانات العمق والوضوح لقراءة الأحداث، ولوضع سياق مستقبلي لما يحدث بشكل متسلسل ومنطقي، والمساعدة في توجيه السياسات واكتشاف الحقائق الجوهرية بشأن مجموعة واسعة من المشكلات، من الرعاية الصحية إلى التعليم، وتحسين جودة الخدمات الحكومية. البيانات موجودة في كل مكان، ومصادر البيانات متاحة بسهولة على شبكة الإنترنت، يمكن الاستفادة منها في سرد القصص المهمة والضرورية، ولكن يمكن أيضا أن يساء فهمها بسهولة وربما يحتمل التلاعب بها، ولذلك من المهم للصحفيين اكتساب مهارات جديدة لمعرفة التعامل مع البيانات بفاعلية في نهاية المطاف، صحافة البيانات توفر للقراء مصدرا جديدا للإلهام، وتمنح صناع القرار طريقة منهجية لتوجيه عجلات التنمية نحو الاستدامة في عصر متسارع.