من المعلوم من الدين بالضرورة أنه لا يمكن أن نضيف إلى دين الله ـ سبحانه وتعالى ـ شيئا ليس منه، وأن اللازم على المعتنق لدين الإسلام أن يعود إلى كلام الله في كتابه، وأن يعود إلى سنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأن يحرص على تجلية الشبهات والغشاوات والجهالات المتعلقة بالمفاهيم الدينية ـ وغير الدينية ـ، دون أن يظن في نفسه أنه الوصي على دين الله تعالى، الذي ضمن صلى الله عليه وسلم انتشاره بقوله في الحديث الذي رواه سيدنا تميم الداري ـ رضي الله عنه ـ: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار..».

لا شك أن أخطر ما يمكن أن يواجهه أي دين من الأديان، هو إدخال ما ليس منه فيه، ولا يدخل في ذلك إدخال العلماء بالقياس أو الاستنباط في الدين، كثيرا من المسائل المتنوعة غير المنصوص عليها، والتي تعين الناس في مشارق الأرض ومغاربها على الخروج من ظلمات الجهل والتخلف، إلى أنوار العلم والتقدم، وهو ما يؤكد حاجة الناس إلى حسن فهم للدين، وإلى التدقيق بعقول حية، في أوامره ونواهيه، بشرط توفر النيات الصالحة، ومن ثم العمل الجاد.

الناس لا تعيش بالفقه أو التوحيد وحده، بل هم في حاجة ماسة لمعرفة ما ينفعهم، وينفع حياتهم، وكذلك حياة غيرهم؛ عن سيدنا أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق، كانت تؤذي المسلمين»، وفي رواية صحيحة: «مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق، فقال: والله لأنحينّ هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأُدخل الجنة»، وفي رواية أخرى: «بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره، فشكر الله له، فغفر له»، ويدخل في هذا كل المعارف التي يمكن أن لا تزيل الشوك فقط، بل كذلك تمهد طريق النور للناس، بغض النظر عن كون هذه المعارف دينية أو غير دينية؛ إذ لا يُظن أن يكون هناك عمل رائع في تطوير وتوصيل الخطاب الديني، مع ترهل وضعف في الجوانب العلمية أو الحياتية الأخرى.

أختم مقالي بأن الخطابات الدينية المثلى، تحتاج فيما تحتاج، إلى الجد، وإلى الوعي، وإلى المراجعة المستمرة، وإلى التفريق بين (الترف) و(الضروري)، وإلى حبٍ للناس، وإلى حرص على أن يكون هذا الجيل أفضل من الجيل الذي سبق، في فهم أمور الدين، وإدراك حكمه وأسراره ومقاصده، وليس أن يكون مثله؛ لأننا ـ وبكل بساطة ـ إذا خرجنا من هم مثلنا؛ حكمنا بالتوقف على ما حولنا، وإذا خرجنا أقل منا؛ حكمنا على حياتهم بالضياع.