هذا مثل شعبي دارج في أوساط أجدادنا، ومعناه أن الجبان بينهم كان يعرف من طول عصاه التي يأخذها إلى موقع نزاله مع أعدائه، كي يعوض ما لديه من خوف، بطول هذه العصا، لقناعته بأن مظهرها يزيد فرص فوزه عن طريق بث الرعب في قلب العدو.

اليوم لو تمت صياغة الأحداث والقرارات التي يتخذها بعض المديرين والمسؤولين نهجا لأسلوب إدارتهم، وتم قياسها على نسق هذا المثل، سنجد العلاقة كبيرة بين المثل وبين ما يقومون به، إذ تجد أن المسؤول الذي (على رأسه بطحاء)، لا يحسس عليها فقط، بل تجده قد سخر الغالي والنفيس من الصلاحيات الموكلة إليه، إلى قوانين وثغرات تساعده ليشكل بها عصاه الطويلة، يتهجم بها على من يخوفه حتى لو كان طيفا في منامه.

إذ تجد أن هناك موظفين مثلا تم حرمانهم من بدلات وحوافز لم ترق جميع مبالغها إلى أن تصل إلى قيمة أثاث مكتب هذا المسؤول، وتجده قد حشد ما لديه من صلاحيات لوضع القرارات والقوانين، التي من خلالها يستطيع أن يرجع بها الكلمة إلى حلق هذا الموظف إن أراد إفصاحا عما يجول بخاطره.

وتجد هذا المسؤول يكرر نقاط الضعف التي قام بها من سبقه على هذا الكرسي، فقط لأن كل من وقع تحت طائلة قوانينه لا يجرؤ على قول الحقيقة، خوفا من طول عصا الذليل.

وبضدها تتميز الأشياء، فتجد أن الوزير أو الرئيس التنفيذي الناجح لأي جهة ما، رغم أنه أكثر من لديه القدرة على صنع عصاه الخاصة، وبمواصفات لا يناقشه أحد فيها، إلا أنه يحاول جاهدا تحقيق العكس، فتجد مثلا أن بعض المديرين الناجحين الذين لم يجدوا تفاعلا ممن يديرهم بإظهار نقاط ضعفه وبالتالي ضعف رؤيته أو مخططاته، تجده يبتكر الحلول لتشجيعهم على ذلك، فيسعى لفتح قنوات تواصل داخلية مبتكرة، يستطيع بها من هو تحت هذه السلطة أو الإدارة أن يوصل رأيه دون معرفة هويته حتى، ومن هنا لن يظهر صوت المحابي أو (المسلك) على قول البعض، وفي المقابل يتم السماع للأصوات الجادة التي تبحث عن التطوير، وكانت خامدة لأنهم يعلمون أن (عصا الذليل طويلة).