في الوقت الذي تتنافس المنظمات والشركات والهيئات محليا على استثمار كفاءة الفرد وتحسين مستوى إنتاجيته لدوره البارز في زيادة إيرادات الاقتصاد الوطني، وتماشيا مع معطيات الرؤية الوطنية 2030، تلحظ أن هناك العديد من القطاعات الحكومية ما زالت تسعى جاهدة إلى العناية بضبط حضور وانصراف الموظف من خلال استحداث وسائل عدة يدوياً وتقنياً، وصرف المخصصات المالية الهائلة على ذلك، دون الاهتمام بفاعليته وإنتاجيته اليومية، وهنا نطرح سؤالا أيهما أولى إنتاجية أم مواظبة الموظف؟

مما لا شك فيه أن مواظبة الموظف وانضباطه عامل مهم لتحقيق أهداف المنظمة أو المنشأة التي يعمل بها، كما أنها تسعى إلى خفض الهدر المالي والفاقد الوظيفي، ولكن ما نشاهده اليوم من ارتكاز اهتمام العديد من القطاعات الحكومية على المواظبة وحدها، دون العناية بغرس الولاء والانتماء للمنشأة، جعلها بيئة عمل رتيبة روتينية قاتلة للإبداع والتغيير.

اهتمام القادة بغرس الولاء والانتماء للمنشأة لدى موظفيها سيجعل الموظف ينفق الساعات تلو الساعات للرقي بها وتطويرها، وتحقيق أعلى معدلات النمو المالي والبشري. ومن خلال نظرة تشخيصية سريعة نلحظ أنه الاهتمام بالمواظبة والإنتاجية معا، إنما تعود لأزمة قيادية ألقت بظلالها سلبا على المنشأة بأكملها.

العناية بالإنتاجية مفهوم قيادي يحرص عليه ذو المهارات القيادية المنتجة، والتي تهدف إلى إحداث تحول إيجابي مبهر داخل المنظمة من خلال العمل على إشاعة ثقافة الفريق الواحد، والذي يتواجد فيه المسؤول قبل الموظف، حيث يتشاركون في إنجاز المهام ويحتفلون بالمنجز ويتعلمون من الإخفاق والفشل، تدب الحياة في منشأتهم كدبيب النحل ونشاطه. إننا اليوم بحاجة إلى أن نتعامل مع موظفينا بمعيار الإنتاجية والاجتهاد في ربط جميع المحفزات الوظيفية بها دون المواظبة وحدها. إننا اليوم بحاجة إلى أن نتعامل في منشأتنا بلغة مالية تقوم على الربح والخسارة ورضا المستفيد، وعندئذ سنلاحظ ونلمس انضباطية الجاد المجتهد، وتسرب الكسول الخمول لتدني مستوى إنتاجيته وعدم مواكبته منجزات فريق العمل.

ولنحقق مضامين الرؤية الوطنية 2030 فإنه يتعذر علينا ذلك من خلال التفاني في ضبط الحضور تارة ببصمة العين وتارة ببصمة الأصبع، وما هي إلا لحظات وإذ بالمنشأة خالية من الحياة، ولعل التركيز على إنتاجية الموظف أبرز ملامح المهمة الصعبة التي قد تواجه صانعي القرار ومنفذيه في الفترة القادمة وهي صناعة البيئة المحفزة للإنتاجية، والعمل على مدار اليوم والليلة. ومن أبرز الأمثلة الرائدة محليا في الاهتمام بإنتاجية الموظف دون المواظبة وحدها شركة أرامكو السعودية، ومن أبرزها عالميا شركة جوجل الأميركية التي تسعى إلى تحفيز الموظف من خلال بيئة تفاعلية احترافية، لتكون المحصلة سيادة الشركة وارتفاع عائداتها الاقتصادية ومتانة السمعة العالمية، فهل من مسؤول رشيد لبيب يدرك ذلك؟