مع إعلان نائب الرئيس الأميركي السابق جو بادين نهاية الأسبوع الماضي ترشحه لمنافسات الحزب الديمقراطي للترشح للرئاسة الأميركية في 2020، وصل عدد المترشحين الديمقراطيين إلى عشرين مترشحا، في سباق من المرجح أن يكون محتدما خصوصا مع بروز أسماء من الجيل الجديد في الحزب المدعومين من توجه أكثر ميلا نحو التوجه التقدمي، والبعد عن الخط المعتدل للحزب الذي كما يقول البعض كان السبب الرئيس لوصول الرئيس الحالي دونالد ترمب للرئاسة، الأمر الذي قد يخلق متاعب عدة للأسماء ذات الخبرة من أمثال بادين وبيرني سانديرز واليزابيث وارين.

في آخر استطلاع للرأي أجرته شبكة إيه بي سي نيوز وصحيفة واشنطن بوست بداية هذا الأسبوع، استمر تقدم نائب الرئيس السابق كخيار أول من بين الديمقراطيين، يليه سانديرز على الرغم من أن ذلك أتى اعتمادا على ميل الناخبين الأكبر سنا، الذين من المعتاد مشاركتهم بشكل أكبر في هذه المرحلة من السباق، بالمقارنة بمن هم أصغر سنا والذين في الغالب يخرجون في المراحل النهائية.

في سؤال مفتوح حول من هو المرشح الأمثل لكي يصبح رئيسا للولايات المتحدة أيد 17% من الديمقراطيين والمستقلين ذوي الميول الديمقراطية جو بايدن، في حين أيد 11% بريني ساندرز، و5% لكل من بيت بوتيجيج، و4% لكل من كامالا هاريس وبيتو أورورك وإليزابيث وأرين.

هذه الأسماء هي التي كما يبدو سيكون لها الحظ الأوفر للمنافسة، وهي أسماء في غالبها تميل نحو التوجه اليساري والتقدمي مع انحسار الاعتدال في بايدن الذي يحاول الترويج لنفسه باعتباره تقدميا، بهدف كسب القاعدة الانتخابية الشابة التي أصبحت قادرة كما يرى المراقبون على إحداث الفرق والتأثير على أجندة الحزب وبالتالي المترشحين.

جو بادين صاحب الـ76 عاما يأتي على قاعدة انتخابية تعمل على استعادة مكانة أميركا على الساحة العالمية، وتعزيز الحماية الاقتصادية للعمال ذوي الدخل المنخفض في صناعات مثل التصنيع والوجبات السريعة، في حين يأتي بيرني ساندرز، والذي يبلغ من العمر 77 عاما بأجندة الرعاية الصحية للجميع والتعليم الجامعي المجاني والحد من تأثير أصحاب المليارات كما يصفهم، أما بيت بوتجيج وهو رئيس بلدية جنوب بيند في ولاية إنديانا وأول مترشح للرئاسة مثلي وأصغر مترشح حاليا، حيث يبلغ من العمل 37، فقط فيأتي بأجندة تهدف لتحسين السياسات بشأن قضايا مثل تغير المناخ والفرص الاقتصادية إلى جانب دعمه لحقوق الـLGBT أو المثليين.

أما كامالا هاريس البالغة من العمر 54 عاما وهي سناتور من كاليفورنيا والنائب العام السابق لولاية كاليفورنيا، فتعتمد في حملتها الانتخابية على الترويج لدعم تشريع خفض الضرائب من الطبقة الوسطى وتأييد أجندة الحقوق المدنية الليبرالية في مجلس الشيوخ، في وقت يعمل بيتو أورورك ابن الـ46 عاما، وهو عضو سابق في مجلس النواب من تكساس ومترشح لم يحالفه الحظ لمجلس الشيوخ في انتخابات 2018، فيعمل على التركيز على إصلاح نظام الهجرة وإضفاء الشرعية على الماريجوانا وتوفير المستشفيات في المناطق الريفية، في حين تعمل اليزابيث وارين البالغة من العمر 69 عاما، وهي عضو في مجلس الشيوخ من ولاية ماساتشوستس وأستاذة سابقة بجامعة هارفارد، على خطاب انتخابي يركز على نقد ما تعتبره عدم مساواة في الدخل بين الأميركيين، وأن الطبقة المتوسطة في أميركا تتعرض لهجوم شرس من قبل الشركات الكبرى والفساد السياسي.

من الصعب في هذه المساحة حصر جميع التفاصيل الخاصة بجميع المرشحين العشرين، ولكن من المهم ذكر أسمائهم ومن ثم مراقبة التطورات وتناولها حسب ما يكتبه لنا المستقبل، فإلى جانب الأسماء المذكورة أعلاه هناك كل من كوري بوكر وجوليان كاسترو وجون ديلاني وتولسي جابارد وكيرستن جيلبراند وجون هيكنلوبر وجاي انسلي وايمي كلوبشر وواين مسام وسيث مولتون وتيم ريان واريك سوالويل وماريان ويليامسون وأندرو يانغ.

حتى الآن ليس واضحا إن كان أي من هؤلاء المترشحين لديه القدرة على مواجهة الرئيس ترمب في الانتخابات القادمة، وإن كنت أرى أن الحزب لن يتمكن من استعادة البيت الأبيض بخطاب انتخابي اعتيادي منضبط ميال نحو عدم تجاوز الخطوط الحمراء السياسية، فكما أن اليمين هو من أتى بالرئيس ترمب، وأدى ذلك لانقسام واضح في المجتمع الأميركي بين يمين ويمين متطرف من جهة، ويسار ويسار اشتراكي من جهة أخرى، مع اتساع رقعة الاصطفاف، فإن المراهنة على كسب اليمين المعتدل لن تجدي نفعا والاعتماد على المعتدلين أو المستقلين في ميل الكفة أثبت عدم جدواه مع ضعف إقبال هذه الشريحة على الإدلاء بأصواتها عبر التاريخ الحديث، وبالتالي فالرهان على خطاب أكثر يسارية هو ربما الحل الأمثل رغم صعوبة ذلك بكل ما يعنيه من شبهات يستخدمها اليمين بوصف الحزب الديمقراطي، بأنه يريد أن يأخذ البلاد نحو نموذج الاتحاد السوفيتي، وهي أقرب للترويجي الدعائي منها للحقيقة الواقعية، بينما يبقى الرهان الآخر هو أن يخرج للحزب الديمقراطي مترشح يملك من الكاريزما والخطاب الصدامي ما يشفع له أن يكون ندا لرئيس تكمن أقوى أسلحته على الإطلاق في لسانه.