في احتجاج لافت علق عمال شركة زارا في تركيا لافتات على ملابس الشركة تقول «القطعة التي اشتريتها أنا لم أستلم ثمنها».

كان ذلك نوعا لافتا من اعتراض عمال الشركة على سوء أوضاعهم وتأخر مرتباتهم.

ولا يقتصر سوء أوضاع العمال فقط على تأخر استلامهم لمرتباتهم، بل يمتد لمحاولات عدة تلجأ إليها شركات عالمية، حيث تلتف على الأنظمة والقوانين، بما فيها تلك التي تمنع تشغيل الأطفال، مستغلة حاجتهم، فتخضعم لساعات عمل طويلة، وفي ظل ظروف غير ملائمة.

عبودية مقنعّة

يمثل العمل القسري والاتجار مشكلة رئيسة في الصناعات التي تفتقر إلى الرقابة، حيث يشكل الأطفال عددا كبيرا من العاملين الذين يتم استعبادهم، نظرا لكونهم غير مدركين، ولسهولة التلاعب بهم، ولأنهم أقل وعيا بحقوقهم، ولا يملكون قدرة للدفاع عنها، والسبب الرئيس يعود إلى تطلب بعض المصانع سمات جسدية معينة مثل القامة الصغيرة وخفة الحركة، هذا ما يجعلها تسعى إلى جذب واستغلال الأطفال.

استغلال

يستغل الأطفال في الصناعات الموجودة في جميع أنحاء العالم، في حقول القطن في الهند، وصيد الأسماك في غانا، وإنتاج الفحم في البرازيل، بما في ذلك المصانع التابعة لشركات أزياء عالمية توظفهم في البلدان النامية مثل باكستان والهند والقارة الإفريقية، مستغلة وضع هذه البلدان والقارات السياسي والاقتصادي.

وتقدر وزارة الخارجية الأميركية أنه يتم تهريب ما يصل إلى 20 ألف عامل إلى الولايات المتحدة سنويا، حوالي 5% منهم من الأطفال.

ووفقا لمنظمة العمل الدولية (ILO) هناك أكثر من 10.8 ملايين طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و14 عاما يشاركون في أعمال بطبيعتها تؤدي إلى آثار ضارة على سلامتهم وصحتهم جسديا وعقليا وأخلاقيا، علاوة على ذلك هناك ما يصل إلى 20.4 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاما يشاركون في أسوأ أشكال عمل الأطفال (العمل القسري ).

التجارة العادلة

اعتراضا على هذا الاستغلال الجائر ظهرت حركة التجارة العادلة في أوائل التسعينيات من القرن العشرين، عندما تبنت بعض المنظمات والمؤسسات الأوروبية والأميركية فكرة تحقيق سعر عادل لمنتجات صغار المزارعين ومصدري المواد الزراعية وأصحاب الحرف التقليدية، وخاصة في البلدان النامية، وهي حركة اجتماعية هدفها مساعدة المنتجين في البلدان النامية على تحقيق ظروف تجارية أفضل، وتعزيز الزراعة المستدامة، يدعو أعضاءها إلى دفع أسعار أعلى للمصدرين، فضلا عن تحسين المعايير الاجتماعية والبيئية، إضافة إلى تركز الحركة بوجه خاص على السلع أو المنتجات التي تصدر عادة من البلدان النامية إلى البلدان المتقدمة النمو، وتسعى الحركة إلى تعزيز المساواة في الشراكات التجارية الدولية، من خلال الحوار والشفافية والاحترام، وهي تشجع التنمية المستدامة عن طريق توفير ظروف تجارية أفضل للمنتجين والعمال المهمشين في البلدان النامية، وضمان حقوقهم.

تجاهل معايير السلامة

لا تكتفي بعض الشركات العالمية غير الأخلاقية باستغلال الأطفال فقط، بل يقوم عملها على استئجار مصانع غير صالحة للاستعمال البشري في البلدان النامية، بسبب انخفاض تكلفتها المادية، متجاهلة توصيات السلامة والتجهيزات اللازمة في المصانع، ولا توفر المعدات اللازمة للوقاية. حادثة انهيار مبنى رانا بلازا المكون من ثمانية طوابق، التي وقع ضحيتها 1129 قتيلا و 2515 جريحا سلطت الضوء على مشاكل قطاع صناعة الملابس في بنجلاديش، حيث إنها تعد أكبر مصدر

للملابس بعد الصين، وبها تصنع أشهر الماركات العالمية، باختصار يمكننا القول أن هذه البلدان النامية تكسو أبناء الدول الغنية، ففي الثمانينيات من القرن الماضي بدأ المستثمرون الأوروبيون ينظرون إلى بنجلاديش ككنز صناعي، وذلك لرخص الأيدي العاملة فيها وقلة تكلفة الإنتاج، وهذا ثالث حادث انهيار في ستة أشهر يثير تساؤلات، في شأن سلامة العمال، وظروف العمل في البلاد. من هذا المنطلق ركز المهتمون بالتجارة الأخلاقية على السعي في زيادة الوعي العام بخطر الاستغلال بشكل عام على العاملين تحديدا الأطفال، مطالبين بمعالجة الظروف الاقتصادية السيئة في البلدان النامية، إضافة إلى إجبار الشركات في الصناعات التي تستخدم الاستغلال كمنهج لعملها على إنشاء أماكن عمل تحتوي

على أنظمة مراقبة