الجميع يعلم أن التركة التي يجدها الدكتور أحمد العامري في جامعة الإمام؛ تركة ثقيلة جداً ومعقدة بشكل رهيب، حيث يتداخل فيها الشأن الأكاديمي بالتعليمي والإداري مع الفكري، إضافة إلى المتعلقات التي تركتها صبغة المؤسسات الدينية على مجمل عمليات الجامعة الداخلية ووجهها الخارجي. ولكننا ندرك جميعاً أن الدكتور أحمد، وهو ابن الإدارة العامة، وأحد المتخصصين فيها، سينجح بإذن الله في قيادتها بسلاسة ويسر.

عموماً. في الفترة الماضية انتشر في تويتر مقتطفات عن لقاء داخلي أقامته إدارة الجامعة. حيث خرج فيه الدكتور وهو يرسل رسالة إلى جميع منسوبي الجامعة، بأنه يرحب بكل من لديه أي ملاحظات أو أخطاء يرغب في معالجتها، أو أفكار يرغب في طرحها. كما أكد في لقائه أنه يرغب من أي شخص لديه القدرة على تطوير أي موقع في الجامعة أن يتقدم برؤيته له شخصياً على الإيميل الشخصي. ولأنني لست من منسوبي الجامعة، فإنني أتقدم له بتحياتي ودعواتي له بالتوفيق، وأرسل له في هذا المقال رؤيتي كمشاهد خارجي لأكثر الأماكن ترهلاً من وجهة نظري، وأرغب منه في أن يضعها في حسبانه في رحلة التغيير والتطوير التي يقودها في جامعته.

أولاً: محور الأذرع الخارجية:

أعتقد أن أذرع الجامعة الخارجية قائمة على ذراعين،

الأول: ذراع داخل المملكة والمتمثل في المعاهد العلمية المنتشرة بالمدن والمحافظات، وهذه، أعتقد أن الظروف التاريخية التي تأسست فيها قد انتفت، وأننا حالياً في مرحلة تعليمية مغايرة عن السابق. وعليه فإنني أرى أن بقاء تلك المعاهد على ملاك الجامعة، أمرٌ يضعف من أدائها. ولذلك فإن أفضل حل بنظري هو تسليمها بكل ممتلكاتها الإدارية والمادية إلى وزارة التعليم التي ستدمجها بكل بساطة مع مدارسها العادية في المدن المتواجدة بها. ولاحظ أنني هنا لم أتحدث عن مزايا الدمج مع التعليم العام.

الذراع الثانية، هي المعاهد والمراكز المقامة خارج المملكة التابعة لوكيل الجامعة للتبادل المعرفي والتواصل الدولي. وفي وجهة نظري إن إبقاءها على ملاك الجامعة أيضاً يضعف من أدائها العام والأكاديمي. كما أن تشغيلها مكلّف إدارياً ومالياً على إدارة الجامعة، وهي في غنى عن هذا الأمر. وإن كان لا بد، فإنه بالإمكان القفز عليها بشكل أفضل، حيث يمكن تسليم تلك المعاهد إلى وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، ويتم توقيع عقود تشغيلية للتعليم فيها عن طريق معهد الأمير نايف للبحوث الاستشارية. وبذلك تتخلص الجامعة من الكلفة التشغيلية الخاصة بتلك المعاهد، مع احتفاظها بعمليات الإدارة والتعليم والمناهج والبرامج فيها، ولكن عن طريق العقود الاستشارية التي ستصب في ميزانيتها الاستثمارية وهذه ميزة أخرى.

ثانياً: محور التنظيم الإداري:

ضرورة التخلّص من وكالة الموارد البشرية، ونقل كافة أعمالها إلى مدير عام الشؤون الإدارية والمالية. والحقيقة، أنني أرى أن هذه الوكالة أو العمادة في كل الجامعات معطّلة للعمل، ويمكن دمج كل إداراتها مع الإدارات المماثلة في الإدارة العامة للشؤون الإدارية والمالية. مثلاً، الرواتب والنفقات هي جزء من أعمال الإدارة المالية، وإدارة المتعاقدين والتوظيف والموارد البشرية ممكن أن تكون إدارة واحدة تابعة للشؤون الإدارية والمالية. ولاحظ هنا، كم هي الإدارات التي سيتم الاستغناء عنها، والتي كانت في السابق مجرد شكليات ولا يوجد لها ضرورة، وكم سيتم توفيره من جهد ومال من هذا الدمج.

إعادة تشكيل الوحدات داخل الجامعة على ثلاثة مرتكزات.

الأول: وحدات أكاديمية، مثل الكليات، وتكون قيادتها للأكاديميين.

الثاني: وحدات إدارية، مثل القبول والتسجيل والموارد البشرية وتقنية المعلومات والمكتبات ووو الخ، وتصبح قيادتها كاملة للإداريين.

الثالث: وحدات بحثية، مثل عمادة البحث العلمي وعمادة الدراسات ومركز جرائم المعلومات ووو الخ، وتكون قيادتها تشاركية.

إنشاء إدارة لتنظم وتخطط إستراتيجيات الجامعة المستقبلية، حيث إن هيكل الجامعة لا يشير لوجود إدارة للتخطيط الإستراتيجي.

إنشاء مكتب لكفاءة الإنفاق ويتم ربطه بالمدير مباشرة، وتنظم أعماله بالتوافق مع الشؤون الإدارية والمالية.

إنشاء شركة للجامعة، ويراعى فيها التوسع في خدماتها، على أمل أن تكون شركة قابضة مستقبلاً.

إعادة هيكلة الجامعة من جديد، وإغلاق الإدارات غير الأساسية والتي تم إنشاؤها في فترات سابقة ولظروف وقتية (كراسي البحث العلمي على سبيل المثال).

منع تشكيل اللجان التي تترتب عليها مبالغ مالية، إلّا اللجان التي تنص عليها الأنظمة.

حصر مداخيل الجامعة المالية لدى جهة واحدة داخل الجامعة.

تفعيل إدارة المخاطر، وإطلاع القيادات على تقارير السنوات الماضية الصادرة عن إدارة المراجعة الداخلية، وعقد ورش عمل لمناقشتها.

منع الازدواجية في العمل، وتنظيم وتحديد عمل كل وكالة وعمادة وإدارة. وبناء مؤشرات ومستهدفات أداء سنوية لها.

ثالثاً: الموظفون الإداريون:

حصر الموظفين الإداريين ممن هم في المراتب الحادية عشرة وأعلى، والجلوس معهم على انفراد والاستماع لملاحظاتهم.

تحديد العلاقة ما بين الأكاديمي والإداري وكتابة وثيقة تنص على هذا الأمر وتعميمها على الجميع.

التشديد على العدالة الوظيفية بين كل الفئات داخل الجامعة، وأن الاعتبار بالإنجاز المهني لا بالدرجة العلمية.

أخيراً. معاليكم ومعالي مدراء كل جامعاتنا الموقرين. تدركون أن الوضع مستقبلاً لن يبقى مثلما هو حالياً، وأن التغيير سيأتي لا محالة. والجميع ينتظر إصدار نظام الجامعات الجديد. ولكن، حتى ذلك الحين، تستطيعون أن تعملوا على إزالة التشوهات التي حصلت على مسيرة التعليم العالي في السبعين عاما الماضية. وتذكروا، أننا اليوم نشهد بدء التشكيل لنهضة صناعية رابعة.