مع كل عام جديد، ومع كل عيد جديد، يتذكر الشعب مآسي ذلك الوطن الذي أصابته الجراح، ويستمع لأنين الأرض من ذلك الألم الذي تسبب فيه سيد الحروب وحزبه. كانت لأشجار الأرْز أيام بهيجة تطغى عليها الورود ويزينها صوت فيروز الذي يتقاسم عشقه كل العرب. فأمسى ذلك الفرح أكاليل على ضريح القتلى وطبول حرب تقرع مع قهوة الصباح. إن وطن الجمال أصبحت أمنياته عمياء، ورحل الكثير من تلك الأمنيات خارج الحدود بحثًا عن السلام والأمان. وأصبحت الطفولة باهتة وخشنة الملامح، واحترقت أشجار الزيتون وتلاشت بدائع الرحباني، وأصبحت سماء لبنان شاحبة وأرضها مليئة بالدمار والركام والأنقاض. ولم يعد أطفال الوطن يقرؤون بدائع الكيلاني، بل يقضون من مضاجعهم على صوت البندقية التي محت كل براءة وخطفت كل ابتسامة.

ظهر سيد الحروب «سيد الدمار» فأطلق رصاصة اغتالت الأحلام والسلام. وأبدلت المروج الخضراء إلى بيت ينعق فيه الخراب والغراب. أراد الشعب مرات عديدة أن يتحرر من الهيمنة، وأن يرقص، وأن يغني، وأن يصادر الآلام فكانت فوهة البندقية ومؤامرات الاغتيال هي إجابة تلك الأحلام.

أشقياء المقاومة هم قوم مخذولون تنكروا لكل القيم والمفاهيم وتجردوا من الولاء والانتماء وتقمصوا ثوب العمالة، وكانوا خرابا ودمارا على مجتمع كان في يوم من الأيام منارا للأدب والجمال والثقافة.

ورغم التهديدات التي يطلقها حزب الدمار بين فترة وأخرى، وأنه سيحرق إسرائيل ويجعلها أثرا بعد عين، إلا أنه حتى الساسة اللبنانيين يشعرون بالارتياح مع هذه التهديدات من (سيد الحروب)، ويعلمون يقينا أنها جعجعة في فنجان. وهذا الحزب الذي يرتبط عقائديا ولوجستيا بإيران، ويقوم بتنفيذ أجندة المرشد في استهداف الدول الأخرى ومحاولة زعزعة استقرارها، فكانت حادثة اختطاف الجابرية الكويتية، وكانت تفجيرات الخبر والحرم المكي الشريف، وكان التدخل في محاولة لإشاعة الفوضى والخراب في البحرين، ولا ننسى الدور الذي يلعبه الحزب حاليا في سورية واليمن.

إنه حزب الدمار، فحيثما حل كان الفقر والجوع والخوف والتطرف والقتل والتشريد. وكم كان مؤلما أن نرى لبنان التاريخ والأدب وهي تتهاوى.

ولكن يبدو أن الخناق بدأ يشتد على الحزب وعلى سيده، وأن عملية تجفيف منابعه تتم بدقة، وأن عملية البتر لأذرعه دخلت مرحلة التنفيذ، فقد خصصت الولايات المتحدة عشرات الملايين لمن يقدم معلومات عن الشبكات المالية المشبوهة للحزب التي تقدرها أميركا بمليار دولار سنويا عبر الدعم المباشر من إيران، أو بالمبادلات والاستثمارات الدولية أو عبر تبييض الأموال وتجارة المخدرات. ويأتي ذلك بعد وضع الحزب ورجاله على قوائم الإرهاب. ويأتي الحراك الأميركي مع قلق متزايد من دور الحزب في تقويض دور الحكومة اللبنانية.

إن الحراك الذي تشنه أوروبا وأميركا على الحزب هو حراك تأخر كثيرا ولكنه كان فاعلاً لدرجة أن الحزب بدأ في إطلاق حملات تبرع في الداخل اللبناني لتساعده في الثبات أمام هذا الحصار الفاعل. وأخيرًا لعله حان الوقت لينتصر غصن الزيتون وتخضر شجرة الأرْز.