يقول المثل (إذا كانت الهزيمة يتيمة فللفوز مائة أب)، وهذا بالفعل ما تجده منتشرا لدينا، فتجد الشركات على سبيل المثال تغفل عن موهبة أو قدرة موظفها على تطوير ذاته، وتعامله معاملة الآلة، رغم أنه يبدع ويبتكر لدى جهات أخرى، حتى إن كان بشكل تطوعي لشغفه بموهبته وإبداعه.

وتظل هذه الشركة أو الجهة التي ينتسب إليها هذا الموظف تعامله بانتقاص و«تُقنِّص» له على كل صغيرة وكبيرة، وكأنها ترى بأن هذه الموهبة أو القدرة قد أخذت من جهد هذا الموظف الذي ترى أنها تملكه بشحمه ولحمه، وليس أنها تقوم بتوظيفه لديها ثلث يومه فقط.

وتقوم هذه الجهات المحطمة لمواردها البشرية، بالتفنن في استقطاب كوادر خارجية لاتقان هذه الموهبة التي يقوم بها موظفهم الحالي، وهم لا يعلمون عنه شيئا، وربما أنه لم يخبرهم عنها أصلا، لأنه يثق بأن بيروقراطية جهة عمله لن توصله إلى ربع مبتغاه في تحقيق حلمه.

ويأتي يوما وقد برع هذا الموظف ولمع بريقه أمام الغير، بدعم الغير، وبعد أن أصبح نجما بدأ يتخطفه الداعمون، والغريب حينها أنك تجد جهته الأولى التي كانت تحاربه، أصبحت تتودد إليه بكل ما أوتيت من قدرة لاستعادته، بعدما أصبح مشهورا إلى صفوف موظفيها، وكأنها نسيت ما فعلته من تكسير لمجاديف موهبته وقتما كانت هذه الموهبة يرقة ناعمة تحتاج للاهتمام والرعاية لتنمو بشكل سليم.

وتجد هذه المشكلة تظهر بشكل أكثر وضوحا في القطاعات العامة، حتى أصبحت سبب ضعف جودة عمل ومخرجات بعض جهاتنا الحكومية، خصوصا التعليمية منها، فتجد أن لديهم مخزونا ذهبيا من الموظفين، الذين لديهم مواهب وقدرات، وتم نسيانهم من التطوير ومحاربتهم حتى هاجرت هذه الأدمغة إلى القطاع الخاص، وبعدها تقوم هذه الجهات الحكومية بدفع أضعاف مضاعفة من ميزانياتها لهذه القطاعات الخاصة للاستفادة من الأدمغة والمواهب التي كانت لديها في الأصل، ولكن لم يتم الالتفات لهذا الموظف إلا بعد أن أصبح (له 100 أب بعد أن كان يتيما).

نظرة للسماء: حينما تهتم لاستمرارية أمر ما، فلن تغفل عن أي نقطة قوة قد تحقق ذلك.