مع التغييرات التي صاحبت رؤية 2030، صار المسؤول الذي يثق في أنها لن تطاله يد الرقيب وقرارات التشريع، جزءا من الماضي، وأصبح الجميع يعلم أن الكرسي والمنصب هما للعمل بجودة وإتقان، وليس بطريقة «سلق البيض».

ولكن بعض الأعمال -نظرا لتوسعها وكثرة انتشارها- تحتاج أن يكون المستفيد نفسه هو المسؤول الأول عن متابعة جودة التنفيذ لهذه المشاريع، خصوصا أنه المتضرر الأول والأخير في حال رداءة تنفيذها.

ما ذُكر أعلاه ينطبق على الطرقات والشوارع وملحقاتها، خصوصا الفرعية منها والتي تعرضت لعمليات تجميل أكثر من التي تعرض لها مايكل جاكسون بنفسه، فتجد بعد السفلتة بمدة قليلة تحضر شركة الماء لتحفر، وبعد أن تردم «بكم يوم» تحضر شركة التنقيب عن الأسماك الصحراوية، لتنقب عن أحافير الديناصورات، وبعد فراغ المنقبين جميعهم «العشرة أو العشرون»، ولأن كل شركة مسؤولة فقط عن سفلتة الشق الذي قامت به، تجد أنك مضطر أن ترقص سامري في كل مرة تستخدم فيها هذا الطريق، إضافة إلى المطبات الغريبة والتي رغم كثرة الاختراعات حول العالم إلا أن شركاتنا عجزت أن تتعارف فيما بينها على قالب ولون موحد للمطبات. فتجد أنه على حسب سرعة وصول رأسك إلى سقف سيارتك تحدد المدينة التي تقود سيارتك بها، والمستفيد الأول والأخير مع ضررك، هو ورش التربيط والوزن والخرط الفاضي، التي لا بد أن تخصص لها قسطا شهريا يضاهي جيرانه من الأقساط الأخرى.

لذلك قد يكون الحل في تنفيذ التالي:

1 - توزيع مختلف الطرقات والشوارع على شركات مسؤولة عن تنفيذ وصيانة وإعادة تأهيل، ويتم إنشاء قاعدة بيانات يسهل خلالها معرفة الشركة المسؤولة عن هذا الممر أو الشارع أو الطريق.

2 - يقوم تحالف محامين وقانونيين بإنشاء تطبيق إلكتروني أشبه بتطبيق «كلنا أمن»، يستطيع مستخدم الطريق خلاله إثبات الضرر الذي وقع عليه، حتى وإن كان من تكرار استخدام الطريق المتهالك فقط، وينتهي عناء المواطن بمجرد تثبيت الضرر بحضور جهة رسمية، كالمرور أو مندوب طوارئ الأمانة أو البلدية، ويبدأ حينها عمل التحالف القانوني الذي يطارد هذه الشركة المنفذة في سرايا المحاكم، مقابل أن يحصل على نسبة من مبالغ التعويضات التي ستدفعها الشركات المنفذة للمتضرر.

3 - تعديل القوانين والأنظمة ذات العلاقة، بما يضمن للمواطن حصوله على تعويض لا يقل عن عشرة أضعاف مبلغ الضرر، إضافة إلى نسبة تحالف المحامين وأتعاب الترافع، وغيرها.

وستجد حينها أن قائد المركبة يجوب الشوارع والطرقات بحثا عن ضرر لمركبته، بعد أن كان يأخذ على قفاه من الشركات المنفذة لمشاريع الطرق، ويولّي مدبرا خوفا من المطالبات العقيمة التي تنهك المتفرغ لها، فما بالك بمن ليس لديه وقت لذلك، وليس واعيا بحقوقه، ويعتقد أنه يشتكي الدولة وليس الشركة التي جلبتها الدولة لتوفير الراحة له. أما اليوم فيجد من يقول له «أثبتْ الضرر والباقي علينا».

نظرة للسماء: يفترض أنه على قدر أعداد المستفيدين من خدماتك وأعمالك، يزيد اهتمامك بجودة تنفيذ التفاصيل.