قامت الدولة السعودية على مرتكزين رئيسيين هما: السيادة السياسية المتمثلة في النظام الملكي، والعقيدة الإسلامية السمحة المرتضاة من عند الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة، وفق ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبعا لما استقر عند علماء المسلمين. وبذلك تكونت دعائم المجتمع السعودي وتم بناء هياكله ونظمه المتعددة.

وقد كان من المهم جدا أن تعمل مؤسسات المجتمع المختلفة ودوائره الرسمية - عبر عقود من الزمن - على تكوين وتعزيز رأي عام مستنير (ثقافيا وليس دينيا فقط) تجاه هذين الركنين الرئيسيين، لبناء المجتمع وتطوره. غير أن المراجعة المتأنية لمنظومة بناء الفكر الاجتماعي - الثقافي السعودي، عبر مؤسسات التربية والتعليم والتنشئة الاجتماعية الثقافية، تؤكد أن هاتين الركيزتين قد تم التعامل معهما باعتبارهما حقيقة مجردة، وتم تناولهما عبر آليات التلقين (المدرسية والمؤسسية) تناولا مقتضبا، دون أن يتاح حولهما مجال للنقاش والحوار يمكِّن من ترسيخهما في أعماق الفكر المجتمعي، بما يكون حائط صد اجتماعي مستنير منيع أمام من يحاول النيل منهما من الداخل أو الخارج.

ومن جانب آخر لم تكن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله - حاضرة في الوعي الثقافي المجتمعي رغم أهميتها في بناء المجتمع وتنظيمه. فقد كان مصطلح (الوهابية) غائبا بشكل كبير عن الساحة المحلية، إن لم يكن مغيبا من حيث كونه مصطلحا ذا علاقة وثيقة بتكون الأطر الثقافية - الاجتماعية في المجتمع السعودي، ولم يكن معظم المثقفين والدارسين يقرؤون عنه إلا في دراسات غربية كانت تنشر منذ ستينات هذا القرن وتوجد في رفوف المكتبات الغربية فقط، ناهيك عن القطاعات العريضة في المجتمع، التي ربما يفاجأ كثير منها بطرح مصطلح الوهابية في حلبة الصراع الفكري العالمي المعاصر. إن انشغال المجتمع أو ربما إحجامه عن طرح (الوهابية) طرحا فكريا علميا - عبر سنوات طويلة مضت - وعدم إخضاعها للنقد الذاتي، وضعف تكوين آراء شعبية جماهيرية محكمة تجاهها، قد سهل لأقطاب الاختراق الدخول من هذا الباب بإلصاق ما يريدون من أفكار منحرفة وسلوكيات شاذة بالوهابية، لتبقى كيانات وأفراد داخل المجتمع وخارجه في حيرة من أمرها، وتقلب بين قبول الرأي الوافد ورفضه، يدعم هذه الحيرة جهل كبير بحقيقة الوهابية التي ربما كان الحق في تنزيهها عن أي فكر ضال أو نزعة منحرفة للعنف والإرهاب.

*من أين أتينا؟

محاولة لفهم الواقع الذي استعصى

* صدر عام 2005

دكتوراه في الإعلام والاتصال الإنساني مونتريال بكندا 1998

نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال

عضو هيئة التدريس في قسم الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض

رئاسة عدد من اللجان الإعلامية المتخصصة

مستشار غير متفرغ لدى مؤسسة ميساب للإنتاج الإعلامي، ورئيس برنامج الإعلان الإلكتروني العالمي لدى المؤسسة

كلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود 1423