استعرضت تقارير أميركية عديدة، مؤخرا، تداعيات إلغاء المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا، الانتخابات البلدية في إسطنبول التي هزمت فيها المعارضة حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس إردوغان. وأكدت صحيفة Foreign Policy الأميركية، في تقرير للكاتب، هنري باركي، أن قرار الطعن في النتائج لم يكن مفاجأة، حيث إنه منذ أكثر من شهر، ظل حزب العدالة والتنمية وكذلك الصحافة التركية، التي يسيطر عليها إردوغان بالكامل تقريبًا، يضعون الأساس لهذا الانعكاس من خلال الادعاء بحدوث مخالفات وادعاء جميع أنواع الأذى من قِبل منظمي الاقتراع، مشيرة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يلجأ فيها الحزب إلى التحايل على النتائج الانتخابية التي يريدها. وأبانت أنه في استفتاء عام 2017 الدستوري، الذي استبدل النظام البرلماني بالنظام الرئاسي الحالي، تمكن إردوغان من عكس هزيمته في صناديق الاقتراع من خلال حشو الاقتراع في اللحظة الأخيرة وغيرها من وسائل "الغش" -حسب تعبيرها-.

الترويج للفرد

أشار التقرير إلى أنه من خلال إلغاء هذه النتائج، يضاعف إردوغان الخطأ الاستراتيجي المتمثل في إدخال نفسه في الانتخابات المحلية في المقام الأول، مضيفا "لقد قام في الأساس بتحويل الانتخابات إلى تصويت بالثقة في قيادته، وملئت البلاد بصوره، وتم بث جميع خطبه تقريبًا، وهكذا أصبحت النتائج كارثة شخصية لإردوغان، حيث فقد حزبه بعض أهم بلديات البلاد، بما في ذلك أنقرة وأضنة ومرسين وإزمير".

ضربة للحزب

حذرت الصحيفة من أن هذا الخطأ يعتبر مغامرة مكلفة لإردوغان، حيث إن الناخبين سيردون بفعل عنيف وسيعتبرون العمل غير عادل. وأكدت أن رمزية خسارة إسطنبول كبيرة، فهي ليست المدينة الأكبر فحسب، بل العاصمة الاقتصادية والثقافية للبلاد، مؤكدة أن ميزانية بلدية إسطنبول، استخدمت في تمويل مشاريع الحيوانات الأليفة لدى إردوغان، بما في ذلك المساعي المشكوك فيها لأفراد أسرته، إلى جانب تحويل مشاريع كبيرة بمليارات الدولارات وغالبًا في عقود بدون مناقصة، إلى المقربين من رجال الأعمال التابعين لإردوغان. وبالتالي، فإن خسارة إسطنبول من شأنها إفقار حزب العدالة والتنمية بشدة. وخلص الكاتب في تقريره، إلى أن قرار رفض نتائج إسطنبول سيكون بمثابة الانتحار السياسي لإردوغان وسيكون دليلا على خوفه من فقد السلطة، ورعبه من أي تعبئة محتملة للمجتمع المدني، مشيرا إلى أن جنون العظمة سيؤدي به إلى رؤية المؤامرات في كل مكان.