نشر معهد «بروكينجز» الأميركي للأبحاث تقريرا حول تفكك التكامل الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في حال لم يلحق هذا الإقليم بركب التكامل الاقتصادي مع باقي العالم.

وقال التقرير إن هذه المنطقة تمثل 5.5% من سكّان العالم و3.9% من الناتج المحلّي الإجمالي العالمي، لكنّ حصّتها من التجارة العالمية غير النفطية تبلغ 1.8%، لترتفع إلى 6.2% عند ضمّ النفط، وتحُول طبيعة القطاع النفطي، والسياساتُ الحمائية الأوسع دون تحقيق النمو الأعلى والتوظيف المنتج اللذَين تتحلّى بهما دولٌ بأنظمة تجارة واستثمار ليبرالية، ولا سيّما تلك التي في شرق آسيا.

محاولات للتكامل

قامت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعدّة محاولات للتكامل ضمن المنطقة، فقد أنشئت الجامعة العربية لتنسيق التعاون بين الدول العربية في العام 1945، أي قبل استقلال معظم الدول الأعضاء الـ22.

وفي العام 1997، طرحت الجامعة العربية منطقة التجارة الحرّة العربية الكبرى (GAFTA)، وتمّ الاتفاق في العام 2011 على إلغاء معظم التعريفات الجمركية بحلول العام 2005، وتمّ تحقيق بعض النجاح، إذ ارتفعت التجارة بين الدول الأعضاء بنسبة 20 في المئة بين العامين 1998 و2012، لكن بالكاد أثّر ذلك في الاقتصادات الإقليمية.

نتائج مخيبة للآمال

كانت للاتفاقات دون الإقليمية آثارٌ متفاوتة، فبقي اتّحاد المغرب العربي (1989)، الذي ضمّ خمس دول شمال إفريقية غيرَ فعّال، ويُعزى ذلك بالإجمال إلى التوتّر في العلاقات بين الجزائر والمغرب. كذلك، خيّبت الآمالَ اتفاقيةٌ مع الاتحاد الأوروبي واتفاقيةُ أغادير لتأسيس منطقة تجارة حرّة بحلول العام 2007 بين مصر والأردن والمغرب وتونس، على أن تضمّ لاحقا لبنان وفلسطين.

وكان مجلس التعاون الخليجي المشروع الأنجح مع وحدة جمركية وشبكة طاقة كهربائية مشتركة، لكنّه فشل في مواءمة النظام الضريبي وتأسيس عملة موحدة، وحاليا مع فرْض البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة حصار على قطر، لا شكّ في أنّه تقهقر، وتمّ التوقيع على عدّة اتفاقات ثنائية بين دول عربية فردية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتركيا، فضلا عن دول أخرى ودول عربية أخرى.

نجاح محدود

يقول شانتا ديفاراجان، كبير الخبراء الاقتصاديين سابقا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في البنك الدولي إنّه ربّما تمّ الإفراط في الادّعاءات حول منافع التكامل الإقليمي.

ويوضح قائلا: «ركّزت أكثرية الدراسات على التكامل التجاري، أي المنافع التي تستقيها دول في (منطقة واحدة)... من ممارسة التجارة مع بعضها».

بيد أنّ «للتكامل التجاري منفعةَ خلق التجارة، بما أنّ الدول تتاجر أكثر، ومشكلةَ تحويل التجارة، إذ تتاجر البلدان ضمن الكتلة التجارية التي تنتمي إليها بينما من الأنفع أن تُتاجر مع باقي العالم»، وتكمن المكاسب الكبيرة في التكامل أكثر مع أوروبا والولايات المتحدة وليس في ما بينها، وقد حاولت عدّة دول اعتماد هذين المسارين لكنّ جهودها لم تكلّل سوى بنجاح محدود.

عوامل فشل سياسية

بعيدا عن الحجج الاقتصادية، أدّت السياسة دورا حاسما في سجلّ الإنجازات المخيّب للآمال، وقد لام بعضهم التدخل الخارجي للحؤول دون التكامل، أما العوامل الأخرى فهي أقلّ غموضا، ومنها الانشقاقات بفعل الحرب الباردة والحروب مع إسرائيل.

وتابعت الصراعات الراهنة في العراق وليبيا وسوريا واليمن المنحى الذي بدأته النزاعات المناهضة للاستعمار في الخمسينيات والحرب الأهلية في اليمن في الستينيات والصراعات في الصحراء الغربية والحروب الأهلية في الجزائر ولبنان واليمن (من جديد) والحرب بين العراق وإيران والحروب بقيادة الولايات المتحدة على العراق، وغيرها من الحروب المتفاوتة الحدّة، فقد قسّم كل صراع المنطقة وحوّل التركيز بعيدا عن الاقتصاد والحلول الإقليمية الفعّالة.

تحديات التكامل الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

لا يزال متوسّط التعريفات الجمركية مرتفعا نسبة إلى شرق آسيا والأميركيتين وأوروبا

تضع الإجراءات العالية غير الجمركية عوائق أكبر

من أكثر المناطق التقييدية في تجارة الخدمات وهو قطاع يشهد النمو الأسرع عالميا

تعيق تكاليف النقل العالية والعوائق التقنية التقدّم

غياب المعايير المشتركة والروتين الإداري

غياب التنافسية في الأسواق وهو عنصر أساسي للانفتاح على الخارج