أعلن المجلس العسكري الحاكم في السودان، مقتل ضباط في الجيش خلال مواجهات في ساحة الاعتصام، متهما جهات بمحاولة إجهاض الاتفاق مع قادة الاحتجاجات لتشكيل "مجلس سيادة" جديد يحل محل المجلس العسكري.

وجاء الإعلان بعيد توجيه النيابة العامة السودانية الاتهام للرئيس السوداني المعزول عمر البشير بـ"قتل" متظاهرين خلال الحركة الاحتجاجية المناهضة لنظامه. وقال المتحدّث باسم الحركة الاحتجاجية طه عثمان لوكالة فرانس برس إنه "تم الاتفاق حول هياكل السلطة وصلاحيتها وتتمثل في مجلس سيادة ومجلس وزراء تنفيذي بكامل صلاحياته ومجلس تشريعي، على أن تستكمل اليوم الجلسات حول نسب الهياكل (تمثيل العسكريين والمدنيين) والمدة الزمنية للفترة للانتقالية". وظهرت خلافات سابقاً بين قادة الجيش وقادة الاحتجاجات على تشكيلة هيئة الحكم الجديدة التي ستحل محل المجلس العسكري.

وجاء الاختراق في المفاوضات بعد أن أعلن مكتب النائب العام السوداني الوليد سيد أحمد أن النيابة العامة وجهت اتهاما للرئيس السابق عمر حسن أحمد البشير وآخرين بالتحريض والاشتراك الجنائي في قتل المتظاهرين في الأحداث الأخيرة. وأوضح المكتب أن التهم صدرت في سياق التحقيق في مقتل الطبيب بابكر في منطقة بري بشرق العاصمة الخرطوم حيث قتل ما لا يقل عن تسعين شخصا في السودان منذ بدء التظاهرات في 19 ديسمبر ضد نظام، بحسب حصيلة أعلنتها الشهر الماضي لجنة أطباء السودان المرتبطة بحركة الاحتجاج. وهذه الحصيلة أعلى من تلك التي نشرتها السلطات والتي تشير إلى مقتل 65 شخصا.

وكان الجيش السوداني قد أطاح بالرئيس البشير في 11 أبريل على وقع تظاهرات واحتجاجات شبه يومية كانت قد بدأت في 19 ديسمبر احتجاجا على رفع سعر الخبز ثلاثة أضعاف، ولكن بعد إطاحة البشير وتولي مجلس عسكري الحكم تحوّلت مطالب المحتجين إلى الدعوة لقيام سلطة مدنية. وقالت الناطقة باسم "قوى إعلان الحرية والتغيير" الذي نظّم التظاهرات مشاعر دراج إن شخصيات قيادية ضمن صفوف الائتلاف، بينها عمر الدقير وساطع الحاج شاركت في المحادثات المغلقة التي جرت الإثنين في مركز للمؤتمرات في الخرطوم. وقبيل انطلاق الاجتماع، أغلق عشرات المتظاهرين شارع النيل الرئيسي لليوم الثاني على التوالي، وفق ما أفاد مراسل فرانس برس، وكذلك طريقاً مؤدياً لحي بحري الشمالي في العاصمة. وقالت لجنة المهن الطبية التي تشكل جزءا من قوى إعلان الحرية والتغيير في بيان إن ثلاثة متظاهرين أصيبوا "بالرصاص الحي" عندما حاول رجال الأمن إزالة حواجز وضعها المتظاهرون في أنحاء العاصمة. وأغلق المتظاهرون شارع النيل أول من أمس بعدما منعتهم الشرطة من التوجّه منه إلى ساحة الاعتصام المقامة خارج مقر القيادة العامة للجيش منذ السادس من ابريل. أجواء أكثر تفاؤلاً وكان ائتلاف قوى إعلان الحرية والتغيير قد أعلن السبت أن المجلس العسكري دعا الحركة لعقد جولة جديدة من المحادثات.

ويختلف قادة الجيش مع المتظاهرين على تشكيلة هيئة الحكم الجديدة التي ستحل محل المجلس العسكري. واقترح القادة العسكريون أن يقود العسكر المجلس بينما يطالب قادة الحركة الاحتجاجية بأن يشكّل المدنيون غالبية أعضائه. وأواخر الشهر الماضي، سلّم الائتلاف الذي يضم منظمي التظاهرات وأحزاباً معارضة وفصائل متمردة، القادة العسكريين مقترحاته بشأن حكومة انتقالية يقودها المدنيون. لكن المجلس العسكري أكّد أن لديه "تحفظات عديدة" بشأن المقترحات، مشيراً إلى عدم التطرق إلى الموقف الدستوري من الشريعة الإسلامية التي تستند إليها جميع القوانين التي صدرت في عهد البشير بينما لا تؤيدها مجموعات علمانية على غرار الحزب الشيوعي السوداني وبعض الفصائل المنضوية في قوى إعلان الحرية والتغيير. وبدأ آلاف المتظاهرين اعتصامهم أمام مقر القيادة العامة للجيش في السادس من ابريل، وبعد أيام، أطاح الجيش بالرئيس الذي حكم السودان على مدى 30 عاما، لكن المجلس العسكري الذي يضم عشرة أعضاء تسلّم السلطة مذاك ما دفع المتظاهرين لمواصلة اعتصامهم ضد العسكريين هذه المرّة.