60 حالة تسمم غذائي تم تسجيلها في يوم واحد في إحدى المنشآت الصحية الحكومية، وبعد سؤال المرضى عن مصدر الأكل كان لا يتعدى مصدرين إما الأسر المنتجة أو سوق «السمبوسة».

ربما يقول متعاطف ما «لا تقطع رزقهم»، وسنقول له «لا تقطع حياتنا».

ولننظر من زاوية أبعد لنصف المشكلة بشكل أوضح بذلك سنعلم أن الغذاء عرضة للإصابة بالمايكروبات في أي مرحلة من مراحله، من إعداد أو تحضير أو تسويق، ولعل الحال الأغلب هو ما بعد الطهي والتحضير، وهو انتقال البكتيريا عبر الأسطح المختلفة، وهو ما يسمى «Cross-contaminated»، وهذا غالب ما يحدث في الأطعمة التي يقدمها أصحابنا الأسر المنتجة والأسواق الشعبية والمطاعم أيضا.

ولعل بعض القراء سيقول: «مغص ويروح» وسأخبرك يا صديقي بأن هناك نوعا من البكتيريا المسببة لهذا المغص البسيط المتمثل في التسمم الغذائي تدعى «Listeria» إذا أصابت المرأة الحامل في أشهرها الأولى قد تؤدي للإجهاض، وفي الأشهر الأخيرة تؤدي إلى الخداج والتشوهات العصبية، في الوقت الذي تكون فيه الأم تعاني أعراضا خفيفة فقط! أي بمعنى آخر الأم لن تشعر بالكارثة كون الأعراض التي تصيبها طفيفة، بينما جنينها في بطنها «يموت»!

أما المثال الآخر فهو بكتيريا «E.coli»، وهذه تسبب فشلا كلويا للمصاب، خصوصا الأطفال، وغير هذين المثالين كثير مما يطول المقال بشرحه، ولتقرأ عن shigella salmenolla Giardia lamblia وغيرها من المايكروبات التي يسببها تخمر وتعفن الغذاء، مما ينتج التسمم الغذائي.

قبل الختام، فإليك عزيزي القارئ معلومة ربما تكون ذات أثر، إن المسؤول الأبرز عن عملية تخمر اللحم هي مجموعة من البكتيريا تسمى Lactobacillus acidophilus group bacteria، ولعل أخي المتعاطف يعلم أن هذا النوع من البكتيريا لديه مقاومة للعصارتين الحمضيتين اللتين تنتجهما المعدة والمرارة، وربما احتاجت دراسات أكثر لبيان موقف هذه البكتيريا انطلاقا من مقاومتها لعصارات الجسم المطهرة، وانتهاء بما أثر ذلك على الجسم؟!

ختاما، فإنا لا نقول بأن توقف الأسر المنتجة تماما، لكنه بلغ السيل الزُبى، فعلاوة على الأسعار الباهظة غير المنطقية التي تتعدى أسعار بعض المنتجات العالمية عالية الجودة، فقد ظهر التسمم وسوء المنتج وخطورته إما لمحدودية الخبرة أو للإهمال، وأظن الثاني الأغلب، والحل المرشح هو أن تكون محال هذه الأسر المنتجة والأسواق الشعبية الموسمية تحت المراقبة «الفعلية» من جهات البلدية، ولكنه يؤسفني كثيرا أن أقول بأن فروع البلدية ليس لها دور حيوي كما يجب في المطاعم والبوفيهات، فماذا سيكون إن وسعت نطاقها وأشرفت على محلات الأسر المنتجة؟! بالتالي عزيزي القارئ فأنت الرقيب الأول على أطفالك وأسرتك، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، ولا يتطرق إلى ذهنك تغليب المصالح شفقة، فتغلب مصلحة النفع لهؤلاء الأسر على صحة أسرتك، فهناك من الجنسيات الأجنبية من امتهن هذه المهنة مختبئة تحت العباءة والبرقع الخليجي، بل ربما أفاجئك إن أخبرتك بأن من هؤلاء الأسر من حوّل شقة صغيرة إلى مطعم خفي ووظف فيه عددا من «الشغالات» تسترا، بينما يظهر في الأخير هذا الصحن «القاتل» باسم «أم فلان».

ودمتم بصحة.