في دراسة نُشرت بعض تفاصيلها في «الوطن» قبل فترة، تقول: إنه منذ تولي الملك سلمان مقاليد الحكم في المملكة، تم استحداث وإنشاء 54 جهازا حكوميا، وذلك خلال السنوات الأربع الماضية.

وتضيف الدراسة، أن هذه الأجهزة تنوعت بين وزارات وهيئات ورئاسات ومراكز وجمعيات ومكاتب وأندية.

كما تشير إلى أن عدد الأنظمة الجديدة التي تم سنّها بلغ 25 نظاما، إضافة إلى 9 مجالس ولجان، و13 برنامجا متخصصا. كل هذه التعديلات جاءت لتوفير بنية تحتية مواكبة لأعمال الرؤية.

وأنا أقرأ تفاصيل هذه الدراسة، تذكرت بعض الأفكار التي تحدث عنها روبرت جرين في كتابة «ثلاثة وثلاثون إستراتيجية للحرب»، إذ يقول: إن نابليون هو أعظم شخصية تاريخية على الإطلاق، وأنه من كثرة تركيزه على البنية والتنظيم، فقد ابتكر نظام الألوية العسكرية، إذ قسّم الجيش الكبير إلى ألوية قوية متماسكة فيما بينها بخيط رفيع من التنظيم والترتيب، لتأخذ زمام المبادرة، بالتحرك لمواجهة الأعداء في المواقع المختلفة.

وبهذه الآلية، حافظ نابليون على تنظيم صلب وممركز. ويضيف؛ بأن المستقبل للمجموعات المرنة والسريعة، إذ إن الحركة هي أعظم مُضاعف للقوة، حيث إن هذه المرونة ستتيح نشر الجيش وتمركزه في مناطق مختلفة، كما أنها ستعطيه أفضلية الانطلاق في اتجاهات عدة بدلا من السير في خط مستقيم.

وفي دراسة نشرها -مؤخرا- الدكتور سعيد القحطاني، تحدث فيها عن واقع التخطيط الإستراتيجي للجهات الحكومية في ظل الرؤية، يهمني منها، أنه في دراسته، توصل إلى أن الجهات الحكومية المختلفة لم تعد تطلب من الجامعات ترشيح المتخصصين في التخطيط الإستراتيجي، وذلك لعدد من الأسباب، يأتي على رأسها، أن بعض الجامعات ترشح أشخاصا محددين لا يملكون القدر الكافي من المعرفة في التخطيط الإستراتيجي، وذلك بقصد تحقيق المنفعة الشخصية لهم. كما أن بعض الجامعات عندما يتم إرسال الخطابات لها من بعض الجهات الحكومية، للاستعانة بخدمات خبير في التخطيط الإستراتيجي. فإن بيروقراطية الجامعات، تتأخر إلى درجة أن الخطة تنتهي ولم يصل رد الجامعة.

قد لا تعرف إلى الآن عزيزي القارئ، إلى ماذا أريد أن أصل إليه. وقد حرصت على أن آتي بهذه المقدمة المتعددة لأضعك على أرضية جيدة لتفهم الفكرة التي أحاول أن أصل إليها.

يرى بعض الأصدقاء أنني متحامل على الجامعات في نقاشاتي، سواء هنا عبر الصحيفة، أو في حسابي على «تويتر»، أو حتى في الحوارات التي تجمعني مع بعض الأصدقاء، في برامج التواصل الاجتماعي، خصوصا بعض مجموعات واتساب المميزة. وأؤكد أنني فعلاً متحامل عليها نوعاً ما، في ظل مستوياتها المتدنية التي تقوم بها حاليا، رغم الميزانيات المالية الهائلة التي تحصل عليها. لا أعتقد أن هناك جامعات في العالم تم توفير ميزانيات حكومية ضخمة لها -وعلى سنوات طويلة- مثل جامعاتنا. ومع ذلك تجد حضورا متدنيا في المخرجات وفي الأعمال المقدمة للمجتمع، أو حتى لبيئة الأعمال الحكومية والخاصة، التي ترغب في التنوير العلمي من الجامعات.

عزيزي القارئ، ضمن المراكز الجديدة المنشأة في السعودية -مؤخرا- المركز الوطني للتخصيص.

وكنبذة تعريفية عنه -لمن لم يطلع عليه- هو مركز تم تأسيسه بموجب قرار من مجلس الوزراء، كجزء من رؤية المملكة 2030. إذ يقوم بعمليات تخصيص أصول وخدمات الجهات الحكومية المستهدفة، والتي منها الجامعات الحكومية. لأنه يعدّها أولوية تم تحديدها كجزء من خطة الرؤية.

ولأنني لم أجد خطط المركز لخصخصة الجامعات، وما الآلية التي اعتمدوها في هذا الأمر. فإني سأتحدث عن أمنياتي فيما يتعلق بهذا الأمر.

أتمنى أن يتم تشذيب الجامعات من كل العوالق التي علقت بها في مسيرتها الماضية. الجامعة -أية جامعة- هي منشأة ضخمة جدا، بل قد تكون مدينة مصغرة نوعا ما، ولذلك فإن إدارة الجامعات أصبحت أشبه ما تكون بإدارة محلية.

أرغب حقيقة من فريق التخصيص، أن يخصخص أعمال الإسكان، والصيانة والتشجير، وأن يخصخص تشغيل محطات المياه والكهرباء، كما من الأهمية بمكان أن يتم خصخصة الخدمات الصحية كاملة، بدءا من المستشفيات الجامعية، مرورا بعيادات الأسنان، وانتهاء بالمختبرات الطبية والكيميائية.

كما أتمنى أن يتم خصخصة المطابع في بعض الجامعات الكبرى، والمعاهد الاستشارية، وخدمات النقل والأمن، وأعمال المستودعات، والنوادي والمطاعم والملاعب الرياضية، وكل المرافق العامة داخل الجامعة.

أيضا من الأهمية بمكان، خصخصة الوظائف الجديدة، سواء لأعضاء هيئة التدريس أو للموظفين الإداريين والفنيين، بدءا من وكلاء الجامعة وحتى أصغر موظف في السلالم الوظيفية، سواء الإدارية أو الفنية.

في النهاية عزيزي القارئ، فكرة روبرت جرين التي تحدثت عنها أعلاه، هي فكرة عظيمة، وتنطبق على كثير من أمور الحياة، منها الأعمال الحكومية بطبيعة الحال، إذ إن تفكيك الأجهزة الضخمة سيتيح لها المرونة في الوصول إلى أهدافها بكفاءة وفعالية. ولذلك فإنني أحسست بالسعادة وأنا أقرأ تفاصيل برنامج التخصيص، ونطاق القطاعات التي ستشملها أعمال المركز الوطني للتخصيص. كل دعواتي بالتوفيق لفريق التخصيص التنفيذي.