نشرت صحيفة بريطانية مرة «كاركاتير» يقترح على النساء ارتداء شنطة ظَهْر عليها أشواك، بحيث لو حاول أحد أن يقترب منها في الأندر جراوند من الخلف تنغرس الأشواك فيه.

نعم، كان هذا أحد الحلول التي فكّر فيها البريطانيون، ردّا على ظاهرة التحرش التي يحكمها قانون قاس في بريطانيا، يبدأ من السجن والغرامة والتشهير، وإيقاف الرخصة والفصل من العمل، والخضوع لجلسات نفسية، وعلى الرغم من وجود كاميرات في شوارع لندن تراقب المدينة، إلا أن التحرش مستمر بكل صوره.

كسيدة تعيش في لندن منذ 7 سنوات، صدّقوني السعودية هي جنّة الأمان للنساء، مقارنة بما نشاهده يوميا في لندن، لكننا رغم محدودية التحرش لن نصمت ولن نتجاهل وجوده، وسنسعى جاهدين إلى معالجته قبل أن يتفاقم.

لذا، تأتي أهمية سؤال مثل: ماذا نفعل لنحدّ من التحرش حتى لو لم يصل إلى مرحلة الظاهرة غير القانون الشديد الذي يجب أن يتضمن كل ما تحويه القوانين في العالم.

أقول يجب أن نلتفت إلى الضحية وهي المرأة، لأنها أول حصن المفترض أن يبنى ضد التحرش، فنحن لا نستطيع أن نخصص لكل فتاة سعودية شرطيا يحرسها من التحرش، أو كاميرا مراقبة تتابعها، لكننا نستطيع تعليمها كيف ترد على التحرش، أو أن تبني حصنها الأول الموازي لحصن القوانين والدولة.

لو لاحظتم، الفتاتان اللتان تعرضتا للتحرش في الفيديوهات، اكتفتا بالصمت والهرب أو التصوير، دون ردة فعل دفاعية، وهذا هو الذي يجعل الفرق يكبر بين التحرش في لندن والتحرش في السعودية، وهو فرق لمصلحة الجاني وليس الضحية.

الفتاة عندنا تنكمش وتهرب، بينما في لندن تواجه وتلتفت إليه وتضربه، لأنها مدربة على الدفاع عن النفس، وجسدها رياضي مرن، وجزء من تعليمها في المدرسة كيف ترد على الاعتداء.

أيضا، هي لا تخجل من التعرض للتحرش، فلن يلومها أحد لو صرخت، بل سيرونه هو المجرم، ولن يناقش أحد ماذا كانت ترتدي مثلا.

بالمختصر، بعد القوانين -ولتحجيم هذا الجرم- فلنبدأ بتأهيل الفتاة، كيف تواجه التحرش.